responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 201
مَا جَاءَ فِي الطِّيبِ فِي الْحَجِّ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا جَاءَ فِي الطِّيبِ فِي الْحَجِّ]
(ش) : قَوْلُهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ تُطَيِّبُهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ طِيبٍ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الطِّيبِ الَّذِي لَا تَبْقَى رَائِحَتُهُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا أَنَّهَا «قَالَتْ طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْلَالِهِ وَطَيَّبْتُهُ لِإِحْرَامِهِ طِيبًا لَا يُشْبِهُ طِيبَكُمْ هَذَا» يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ لَيْسَ لِرَائِحَتِهِ بَقَاءٌ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا كَانَ يَتَطَيَّبُ قَبْلَ إحْرَامِهِ، ثُمَّ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فَيَغْتَسِلُ فَيَذْهَبُ رِيحُهُ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ فَلَا يَبْقَى مِنْ رَائِحَتِهِ شَيْءٌ.
وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَنَا طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ إحْرَامِهِ، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا» .
وَرُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا» وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ فَيَكُونَ تَقْدِيرُهُ: فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ يَنْضَخُ طِيبًا ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا - قَيِّمًا} [الكهف: 1 - 2] تَقْدِيرُهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ قَيِّمًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَطَيَّبُ لِطَوَافِهِ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُقِيمُ لَيْلَةً ثُمَّ يُصْبِحُ فَيَغْتَسِلُ وَيُحْرِمُ وَلَا يَكَادُ أَنْ يَبْقَى مَعَ هَذَا رِيحُ الطِّيبِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَمَعْنَى تَأْوِيلِنَا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا أَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُجِيزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ اسْتِعْمَالَ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ إذَا كَانَ طِيبٌ تَبْقَى لَهُ رَائِحَةٌ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا يَدَّهِنُ بِدُهْنٍ فِيهِ رِيحٌ تَبْقَى وَلَنَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: التَّأْوِيلُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ.
وَالثَّانِي: تَسْلِيمُهَا وَإِجْرَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا فِي مَنْعِ ذَلِكَ لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ لِأَحَدٍ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَنْعُ ذَلِكَ لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي سَأَلَهُ. وَقَدْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ لَابِسٌ جُبَّةً مُضَمَّخًا بِطِيبٍ اغْسِلْ عَنْك الطِّيبَ وَانْزِعْ الْجُبَّةَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك مَا كُنْت تَصْنَعُ فِي حَجَّتِك» فَأَمَرَ السَّائِلَ بِغُسْلِ طِيبٍ تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ وَخَلْعِ مَخِيطِ لُبْسِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ، وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مَا طُيِّبَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَا تَبْقَى لَهُ رَائِحَةٌ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمَهَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا تَطَيَّبَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ إحْرَامِهِ مِمَّا تَبْقَى رِيحُهُ فَيَكُونَ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا لِحُكْمِهَا حِينَ أَمَرَ الْوَاجِدَ مِنْهَا بِغُسْلِهِ وَلَمْ يَغْسِلْهُ هُوَ فِي حَقِّهِ وَلِذَلِكَ وُجِدَ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِي النِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْصُومٌ وَنَحْنُ غَيْرُ مَعْصُومِينَ.
(فَرْعٌ) وَإِنْ تَطَيَّبَ لِإِحْرَامِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِ الطِّيبِ فِي وَقْتٍ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إتْلَافِهِ وَهَذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَبْقَى مِنْهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ الرَّائِحَةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِتْلَافٍ فَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَرَأَيْت لِبَعْضِ فُقَهَاءِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ مَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِمَا تَبْقَى رَائِحَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَطَيَّبَ بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَابْتِدَاءِ التَّطَيُّبِ بِهِ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي الْحَالَتَيْنِ فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست