responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 1  صفحه : 245
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQثَبَتَتْ فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي كَانَ يَنْتَسِخُ مِنْهُ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِمَّا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْسَخَ مِنْهُ وَإِنَّمَا رَوَتْ أَنَّهَا سَمِعَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرَادَتْ أَنْ تُثْبِتَهَا فِي الْمُصْحَفِ لِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ بِهِ نَفْعٌ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَمْلَتْ عَلَيَّ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ زِيَادَةً فِي الْمَحْفُوظِ مِنْ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَكَانَ الْأَظْهَرُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى غَيْرُ صَلَاةِ الْعَصْرِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَاَلَّذِي يَقْتَضِي مَا أَمْلَتْهُ عَائِشَةُ أَنَّهَا غَيْرُ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّهَا عَطَفَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ عَلَى الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَلَا يُعْطَفُ الشَّيْءُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ تَعْيِينٌ لِلصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الصُّبْحِ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الظُّهْرِ وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ قَوْمٌ إنَّهَا الْمَغْرِبُ وَيَجِبُ أَنْ نُبَيِّنَ مَعْنَى وَصْفِنَا لَهَا بِأَنَّهَا الْوُسْطَى قَبْلَ أَنْ نَبْدَأَ بِالدَّلَالَةِ عَلَى مَا نَخْتَارُهُ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ الْوُسْطَى يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تُسَمَّى وُسْطَى بِمَعْنَى فَاضِلَةِ الصَّلَوَاتِ يُقَالُ هَذَا أَوْسَطُ الْقَوْمِ بِمَعْنَى فَاضِلُهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ} [القلم: 28] .
وَقَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] يُرِيدُ أُمَّةً فَاضِلَةً.
وَأَمَّا الْمَعْنَى الثَّانِي: فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْمُتَوَسِّطَةَ بِمَعْنَى أَنَّ وَقْتَهَا يَتَوَسَّطُ أَوْقَاتَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَيَكُونُ بَعْضُهَا قَبْلَهَا وَبَعْضُهَا بَعْدَهَا.
وَالْمَعْنَى الثَّالِثُ أَنْ تُوصَفَ بِذَلِكَ التَّخْصِيصِ.
وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ صَلَاةٍ وُسْطَى عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَعَلَى الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ يَصِحُّ أَنْ تُوصَفَ بِأَنَّهَا وُسْطَى بِمَعْنَى أَنَّهَا فَاضِلَةٌ وَبِمَعْنَى أَنَّ وَقْتَهَا يَتَوَسَّطُ الْأَوْقَاتِ وَبِمَعْنَى التَّخْصِيصِ لِأَنَّ مَا مِنْ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إلَّا وَيَصِحُّ أَنْ تَجْعَلَهَا وُسْطَى وَتَجْعَلَ مَا قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ مِنْ الْفُرُوضِ وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ وَإِذَا وَصَفْت صَلَاةً مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ بِأَنَّهَا وُسْطَى وَلَمْ يُنَصَّ لَنَا عَلَيْهَا نَصًّا تَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا عَلِمْنَا أَنَّهَا لَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا وُسْطَى بِمَعْنَى التَّخْصِيصِ خَاصَّةً وَلَكِنْ لِمَعْنًى فِيهَا يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْ حَالِهَا بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فَنَظَرٌ إلَى أَوَّلِ الصَّلَوَاتِ بِأَنْ تُوصَفَ بِأَنَّ لَهَا مَزِيَّةٌ فِي الْفَضِيلَةِ أَوْ أَنَّ وَقْتَهَا أَوْلَى بِأَنْ يُوصَفَ بِالتَّوَسُّطِ مِنْ غَيْرِهَا فَيُصْرَفَ هَذَا الِاسْمُ إلَيْهَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى لَيْسَتْ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَعَطَفَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ عَلَى الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُهَا وَقَدْ رَوَتْ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ جِهَةِ تَأَكُّدِ فَضِيلَتِهَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا أَشَقُّ مِنْهَا وَلَا أَبْيَنُ عُذْرًا فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَطْرَأُ عَلَى النَّاسِ فِي أَلَذِّ أَوْقَاتِ النَّوْمِ وَيَتَكَلَّفُ لَهَا مَنْ تَرَكَ وَثَارَةَ الْمَضْجَعِ وَدِفْأَهُ وَتَرَكَ لَذِيذَ النَّوْمِ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالْقِيَامِ إلَى شِدَّةِ الْبَرْدِ وَتَنَاوُلِ الْمَاءِ الْبَارِدَ مَا لَا يَتَكَلَّفُ لِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَجِيءُ أَوْقَاتُهَا وَالنَّاسُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ مُتَصَرِّفُونَ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] .
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ لَا يَسْتَطِيعُونَهُمَا» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» فَخَصَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِهَذَا الْوَصْفِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِتَأَكُّدِ فَضِيلَتِهَا فَثَبَتَ أَنَّهَا أَعْظَمُ الصَّلَوَاتِ أَجْرًا وَأَتَمُّهَا فَضْلًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ مِنْ جِهَةِ تَوَسُّطِ الْوَقْتِ أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ لَا تُشَارِكُ وَاحِدَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي وَقْتِهَا وَلَا تُشَارِكُهَا صَلَاةٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي وَقْتِهَا وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ أَوْقَاتُهَا مُشْتَرَكَةٌ فَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست