باب ما جاء في مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره
[32] ثبت مسح الرأس بصفات كثيرة، وفي الصحاح القوية الإقبال والإدبار وهذه مختارة عندنا، وصفة أخرى عن ربيع بنت المُعوذ في سنن أبي داود واختارها ابن الهمام، وصفة أخرى مروية عن أحمد بن حنبل عن ربيع بنت مُعَوذ، وقد يعبر الراوي هذه الصفة بالمسح ثلاث مرارٍ فإن فيها ثلاث حركات؛ فإنه يبدأ من وسط الرأس، ويمد بها إلى القفا ثم منه إلى الأمام ثم إلى وسط الرأس، وما ذكر الشيخ سديد الدين لكاشفري صاحب المنية: تجافى السبابة والوسطى عن بعض الكتب اعترضه ابن الهمام بأنه لو كان لخوف صيرورة الماء مستعملاً فغلط، فإنه ما دام على العضو لا يكون مستعملاً، وأقول: كيف اختار الشيخ ابن الهمام غيرها في عامة كتبنا والروايات الصحيحة من الإقبال والإدبار تدل عليه؟ وقد يعبر الراوي عن هذه الصفة بالمسح مرتين بسبب الحركتين وإلا فالمسح مرة والحركتان للاستيعاب، وزعم الشوافع المسح مرتين، وصفة أخرى للمسح إذا كان متعمماً أخرجها أبو داود في سننه ص19 عن أنس، ووقع في سنده أبو معقل، وقال في كنى التهذيب اسم هذا الراوي، وإني قد وجدت اسمه في الفتح (ص14) عبد الله بن معقل.
وتثليث المسح بماء واحد عن حسن عن أبي حنيفة أنه مستحب كما في الهداية، وأما تثليثه بمياه ففي بعض كتبنا أنه بدعه وفي فتاوى قاضي خان أنه ليس بسنة ولا بدعة.
قوله: (فأقبل بهما وأدبر الخ) ظاهره خلاف المُفَسِّر المُفَسَّر، وبعض العلماء ذهب إلى الظاهر فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه الخ. . والإقبال في اللغة «أكلي طرف أنا» والإدبار «پحصلي طرف آنا» والجمهور إلى أن الراوي لم يعتد بالترتيب في المفسر، وقيل: إن الواو لا تدل على الترتيب إنما قدم الإقبال، فإن طريق استعمال العرف هكذا كما قالت خنساء.
فإنما هي إقبال وإدبار.
وقال المتكلفون ـ ولست منهم ـ: أقبل على شيء: أي أقبل على القفا، أدبر من أي شيء أي أدبر من القفا، أقول: إن الإقبال في اللغة الإتيان إلى القدام، ولا يأتي في اللغة بما قيل لا سيما إذا