النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أو قد فعلوا ذلك استقبلوا بمقعدتي القبلة» وحسّن النووى سندها، وكذلك حسّن ابن الهمام، ولم يُجب من جانب الحنفية، وقال العيني نقلاً عن أحمد بن حنبل: إنه مرسل لأن عراكاً لم يسمع من عائشة، وقيل أخرج مسلم حديث مسكينة تحمل سكينتين دخلت على عائشة عن عراك عن عائشة، فنقول: أحمد بن حنبل أفضل وأعلى من مسلم، ثم المرسل عند الأحناف مقبول إلا أن الاعتبار لما قال الطحاوي من أن الأعلى هو المتصل لا المرسل، كما في فتح المغيث، لا ما في الحسامي من علو المرسل عن المتصل، وأما المرسل فقبله المالك وأبو حنيفة، وفي رواية عن أحمد، وقبله أبو داود، ولم يقبله البخاري رحمه الله والشافعي رحمه الله، إلا أنه اعتبر به الشافعي في ستة مواضع مذكورة في النخبة، وأكثر السلف موافق لأبي حنيفة في قبول المرسل، ونقول أيضاً: إن مسلماً نافٍ ـ أي للواسطة ـ وأحمد مثبت، والمثبت مقدم على النافي، وروى جعفر بن ربيعة ـ الذي هو أوثق تلامذة عراك حديث عراك ـ موقوفاً، وقد ذكره في الجوهر عن البخاري، وقال في الميزان: إن الحديث منكر، وقال عمر بن عبد العزيز خليفة العدل: ما استقبلت وما استدبرت مدة عمري، فروى عراك في مقابلة ذلك الحديث، فلم يعمل عمر بن عبد العزيز بذلك الحديث بعد السماع أيضاً، وكان يكره البصاق نحو القبلة، كما في الفتح، ونقول أيضاً: إن حديثنا أصح شيء في هذا الباب، ومشتمل على الوجه والحكم فيؤخذ به، ونظمت في هذه الضابطة:
~ يا من يؤمّل أن تكو ... نَ له سِمات قَبولِهْ
~ خذ بالأصول ومِن نصو ... ص نبيهِ ورسولِهْ
~ نصاً على سبب أتى ... بالساكت المجهولِهْ
~ دع ما يفوتك وجهه ... بالبيِّن المنقولِهْ
~ وخذِ الكلام بفوره ... لا عرضه أو طوله
~ ليس الوقائع في شَرا ... ئِعه كمثل أصولِهْ
~ كتَطرّقِ الأعذار في ... فعل خِلافِ مقولِهْ
ومثل ما قلت قال ابن حزم، وقريب من هذا ما قال أبو بكر بن العربي في شرحه على الترمذي، وقال: إن الأقرب مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وقال ابن القيم في تهذيب السنن: الترجيح لمذهب أبي حنيفة رحمه الله، واستدل لمذهبنا بما روى حذيفة بن اليمان قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بزق إلى القبلة يأتي يوم القيامة والبزاق على جبهته» ، قال الحافظ في الفتح: إن المصلي يناجي ربه، وتحول