الاعتقاد إجمالاً كما في الفقه الأكبر إذ لا يعلم أحد تفصيل المسألة، فليقل: آمنت بالله وآمنت بهذا كما هو المراد عند الله تعالى، والفقه الأكبر من تصنيف أبي مطيع البلخي الحكم بن عبد الله تلميذ أبي حنيفة، وهو متكلم فيه وعندي أنه صدوق، وفي الميزان: كان ابن المبارك يعظمه ويوقره (ف) اشتهر على الألسنة أن المتأول ليس بكافر، في آخر الخيالي على شرح العقائد وفي بعض تصانيف الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: إن المتأول في ضروريات الدين كافر.
(واعلم) أن في علم الغيب مقامين: أحدهما: مقام المدح، والثاني: مقام ذكر المسألة، وأما في مقام المسألة فتكون القيود والشروط مذكورة، وأما في مقام المدح فلا فإنه مقام المبالغة وليس بكذب، فلا يغرنك ما قال صاحب القصيدة البردة:
~ فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
فإنه مقام المدح والمناقب، والحاصل أني لا أذكر هاهنا لا نبذة من الكلام.
واعلم أن الفلاسفة ينكرون صفات الله تعالى، وأما قولهم: إن صفات الباري عين ذاته فيغالطون به الناس ويلزمهم أن صفات الله زائدة على الذات، فإنهم لا يقولون إلا بصفة العلم للباري وينكرون سائر الصفات، وعلم الله تعالى حصولي عند أرسطو والفارابي وابن سينا كما هو مصرح في تصانيفهم، وغفل عنه الناس فلا يكون العلم إلا زائداً على الذات، وأما الوجود فهو عين ذات عندهم ومتحد به كما قال الأشعري بأنهما متحدان في الحقيقة، ثم الاتحاد على أنواع: الاتحاد في المفهوم وهو أضيق، والاتحاد في الحقيقة وهو أوسع من الأول، ثم الاتحاد في الوجود وهو أوسع من الثاني كما قال ابن سينا: إن الحيوان والناطق متحدان في الوجود ومختلفان في الحقيقة، وينكر الفلاسفة الملاعنة الإرادة له تعالى والقدرة فإنهم يقولون: إن الباري فاعل بالإيجاب والعلة، ولعل كنه مذهبهم أن الحوادث بالعلة الأخيرة ومحصله أنها بغير محدث، ولقوله: إنه فاعل بالاختيار وخالق، وإنكار القدرة للباري كفر صريح جلي بإجماع الأديان السماوية، وأما الكلام والبصر والسمع له تعالى فمختلف بين أهل القبلة فكيف يرجى قبوله من الملاعنة؟ فلم يبق إلا العلم وهو أيضاً حصولي هذا ما نقح لي من مذهب الملاعنة.
(ف) قال مولانا المرحوم النانوتوي: إن النزاع بين الصوفية القائلين بعينية الصفات للذات، والمتكلمين القائلين بغيرية الصفات للذات، نزاع لفظي وأخذ كل واحد منهما بمرتبة وسكت عن المرتبة الأخرى، فإن منبع كل صفة ذات وأما انتشارها ووفور آثارها فزائد ليس عين ذات ولا غيرها، فإن ضوء الشمس في قرصها وذاتها عين ذات وإذا وقع على الأرض فغير ذاتٍ أقول: قد صرح العارف الجامي بتسليم المرتبتين عند الصوفية كما قال اتفق القوم على أن لله تعالى كمالين كمال ذاتي وكمال أسمائي.
(ف) في تحرير الشيخ ابن الهمام أن أفعال الباري معللة بالحكم، وأجمع عليه المحدثون والفقهاء، ولا يلزم منه الاستكمال بالغير كما زعم الفلاسفة الملاعنة، فإن الصفات فروع كمال الذات