مكاناً بين سنن الظهر وفريضتها مع أنه لم يقل أحد بهذا، نعم مسألة كراهة مخالطة الصفوف صحيحة في نفسها كما في مسلم في باب الجمعة إلا أن حمل هذا الحديث على هذه المسألة غير صحيح، وبالجملة بحث الطحاوي صحيح ومحمله ظاهر، ومحمله عندي أن الفصل أعم من أن يكون زماناً أو مكاناً، ولا يرد سنن الظهر فإن عدم الفصل زماناً صحيح فيها وجائز، وأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأداء الركعتين بعد المغرب في البيت لما في سنن النسائي بسند قوي: «عليكم بهذه الصلاة في البيوت» ، فدل على أن المطلوب من حديث: «لا تجعلوا هذه الصلاة كصلاة» إلخ الفصل زماناً ومكاناً، ثم أقول: إن للإقامة أيضاً بعض دخل في مناط النهي.
باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الصبح
[422] اشتهر فيما بين المصنفين أنه لا قضاء للسنن عند أبي حنيفة، والحق أن للسنن قضاءً ولكنه أخف بعد خروج الوقت كما في العناية، وإذا فاتت ركعتا الفجر فنقول: لا يقضيهما بعد طلوع الشمس وهو القول القديم للشافعي، وأما جديده فهو أن يصلي قبل طلوع الشمس، وأما مالك وأحمد فموافقان لأبي حنيفة، وقال محمد بن حسن: يقضيهما بعد طلوع الشمس قبل الزوال وهو المختار، فإن أبا حنيفة، وأبا يوسف أيضاً لا يمنعان من القضاء بعد طلوع الشمس، وفي الدر المختار قضاء الفرض فرض، وقضاء الواجب واجب وقضاء السنن سنة.
قوله: (عن جده) أي جد سعدٍ، وفي جده اختلاف كثير، قيل: هو إنه قيس، وقيل: قيس بن عمرو، وقيل: قيس بن فهد، وقيل: قيس بن زيد.
قوله: (مهلاً يا قيس إلخ) قوله عليه الصلاة والسلام هذا إما قبل شروعه في الركعتين، وإما حال شروعه فهيما، وإما بعد أدائه إياهما، وظني أنه بعد أدائهما لا حال شروعه كما يدل الذوق السليم، ولا قبل شروعه، فإن نص الحديث يدل على أنه قد شرع فيها، ومهلاً بمعنى اترك واكفف، ولعله أراد الذهاب إلى بيته فقال عليه الصلاة والسلام: اكفف، وليس المراد مهلاً أي انقص صلاتك.
قوله: (أصلاتان معاً) هذا الحديث يفيدنا في نفي الجمع بين الصلاتين في وقت واحد فإن مدلول اللفظ الإنكار على الجمع بين الصلاتين، وأما كلامه عليه الصلاة والسلام فمن قبيل إلزام