في المدينة، وابن مسعود رجع قبل غزوة بدر لأنه ممن شهد بدراً، وأما واقعتا هجرته إلى النجاشي فمذكورتان في كتب السير مثل سيرة محمد بن إسحاق، وتمسك الشافعية بأن أبا هريرة يروي واقعة ذي اليدين ويقول: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقالوا: أدرك أبو هريرة ذا اليدين، وأسلم أبو هريرة في السنة السابعة، فلا بد من تأخير الواقعة، نقول: إن مراد أبي هريرة صلى بنا رسول الله أنه صلى بمعشر المسلمين ولا يجب حضور أبي هريرة في واقعة الباب، ونظيره هاهنا ما قال النزال بن سبرة: قال لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنا وإياكم إلخ يريد قومه ومعشره فإنهم لم يروا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنها ما روى طاووس: قدم علينا معاذ بن جبل فلم يأخذ شيئاً من الخضروات، فإنه أراد به قدم على قومنا، فإن طاووساً لم يدرك معاذاً، منهما ما روى الحسن: خطبنا عتبة بن غزوان يريد خطبة، بالبصرة ولم يكن حينئذ حسن في بصرة، لأن قدومه ببصرة إنما كان قبل صفين بعام كما روي، عن أبي رجاء أنه قال: سألت الحسن متى قدمت بصرة؟ فقال: قبل صفين بعام فأراد به قومه ومعشره، وكذلك أجاب الطحاوي عن رواية أبي هريرة هذه كما قال ابن حبان في رواية زيد بن أرقم، ولكن الطحاوي لم يُجب عما في طريق مسلم ص (215) عن أبي هريرة: بينا أنا أصلي إلخ، وقال صاحب البحر لم أجد جواباً شافياً عن هذه، وقال ابن عابدين ما قال، وتعجب من عدم جواب البحر، أقول: إن ابن عابدين غفل عن ما في مسلم فإن الرواية هاهنا «أنا أصلي» رواها مسلم ص (314) ، وأما أنا فلم أجد شافياً أيضاً إلا أن يحكم بأنه وهم الراوي فإنه لما رأى بينا نحن نصلي زعم كون أبي هريرة في الواقعة، وتعارض لتلك الرواية بما سيأتي عن قريبُ.
أما وجه الوهم فلعله وهم من شيبان فإنه اختلط عليه حديثان فإنه روى حديث معاوية بن الحكم السلمي كما في مسلم ص (203) حديث العطاس، وفيه: «بينا أنا أصلي إذا عطس رجل» إلخ، وأخذ هذا اللفظ من هذا الحديث ووضعه بسبب الاختلاط في حديث ذي اليدين عن أبي هريرة في مسلم ص (214) والله أعلم، وعلمه أتم.
وأما الجواب بطريق المعارضة فهو: إن ذا اليدين قتل يوم بدر، وإسلام أبي هريرة في السنة السابعة كما قالوا، منهم محمد بن إسحاق، وكذلك روى ابن عمر أخرجه الطحاوي ص (161) : كان إسلام أبي هريرة بعدما قتل ذو اليدين، ورجاله ثقات إلا عبد الله بن عمر العمري وهو متكلم فيه، ولم يأخذ عنه البخاري وتبعه الترمذي ووثقته جماعة واتفقوا على صدقه ولكنه في حفظه شيء، وأما ابن معين ففي لفظ عنه لا بأس به وفي لفظ أنه صُوَيلح، وفي لفظ أنه صدوق وثقة، وفي ميزان الاعتدال أن ابن معين سئل فقال أن عبد الله العمري ثقة في حق نافع، وأقول: إنه من رواة الحسان