صحيحة، ولعل وجه النسبة الاشتهار على الألسنة عدم اشتراط طهارة الثوب والمكان عند مالك رحمه الله فقاسوا عليهما طهور البدن أيضاً، واعلم أن قول: لا تقبل صلاة بالتنوين مثل لا رجل في الدار، بمعنى (نيست هيج مردي ورخانه) ومعنى لا رجل في الدار بالفتح (نيست مردوخانه) ومعنى ما من رجل في الدار (نيت هيج إزمري مردي وخانه) فعلى هذا معنى لا تقبل صلاة بلا طهور (قبول نمى شود سپح غازي بغير طهور وباكى) فعلم أن كل فرد صلاة موقوف على الطهور، واختلفوا في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة في اشتراط الوضوء لهما فقال بعض: لا يشترط الوضوء لصلاة الجنازة، وأما الإمام الشافعي فليس بقائل بما قالوا، ولعل وجه ما قالوا: إن قال الشافعي بالجنازة على الغائب، ويقول: إنها دعاء كسائر الأدعية، فزعم أنها دعاء كسائر الأدعية في عدم وجوب التوضئ أيضاً، والإمام البخاري موافق لنا في اشتراط الوضوء للجنازة، وأما سجدة التلاوة فقال الشعبي والبخاري: لا يشترط التوضئ، كما أخرج البخاري عن ابن عمر: «أنه كان يسجد على غير وضوء» الخ وفي نسخة البخاري الأصيلي: «كان ابن عمر يسجد على وضوء» وقال خدام البخاري: إن الأول أصح وأما الأئمة الأربعة فقائلون بوجوب التوضئ في سجدة التلاوة لأنها ـ أي: السجدة ـ أخص مدارج الصلاة فيشترط لها كما اشترط لها، وأما فاقد الطهورين فرواية عن أبي حنيفة إنه يتشبه بالمصلين، أي يركع ويسجد بلا قراءة، قال مالك: لا يصلي الآن، وقال أحمد بن حنبل: يصلي الآن، ولا يقضي، وللشافعية وجوه أربعة، أحدها: القضاء فقط، وثانيها: الأداء فقط، وثالثها: الأداء في الحال ثم القضاء بعده، ورابعها: وجوب الأداء واستحباب القضاء.
(ف) من مصطلحات فقهاءنا التعبير بالقول عما قال المشائخ وبالرواية عما قال الأئمة، وعند الشافعية قول الإمام رواية وأقوال المشائخ وجوه، لنا في التشبه بالمصلين لفاقد الطهورين القياس المستنبط من الإجماعين، أحدهما: من أفسد الصوم أو حاضت المرأة في نهار رمضان أو طهرت أو بلغ الصبي يجب عليهم الإمساك في بقية النهار، وهل هذا إلا تشبه بالصائمين، والإجماع الثاني: أن من أفسد حجة يجب عليه المضي على الأركان ثم يقضي وليس المضي على الأركان إلا تشبه بالمصلين فلما ثبت التشبه في الصوم والحج نعديه إلى الصلاة، وكذا اِكتفاء بعض السلف بالتكبيرة في التحام القتال من هذا، واعترض الخصم علينا في قولنا: البناء على الصلاة لمن أحدث فيها بحديث الباب، فالجواب: أولاً: إن المشي في الصلاة ليس بصلاة كالإياب والذهاب في صلاة الخوف ليس بصلاة، بل فعل في الصلاة، وثانياً: بأن البناء روي مرفوعاً عن عائشة، ولكن الصواب عند أرباب الحديث الإرسال، والإرسال مقبول سيما إذا كان مؤيداً بفتيا الصحابة، فيكون حجة قطعاً، ومن الفتاوى استخلاف عمر وعلي رضوان الله عليهما.
قوله: (ولا صدقة من غلول الخ) الغلول في اللغة: سرقة الإبل، وفي اصطلاح الفقهاء: سرقة مال الغنيمة، ثم اتسع فيه فأطلق على كل مال خبيث، قال في الدر المختار: إن التصدق بالمال الحرام ثم رجاء الثواب منه حرام وكفر، وفرَّق البعض بين الحرام لعينه ولغيره، ومنهم العلامة التفتازاني،