الموالك قوي، فلا بد من الجواب، فأجيب بالوجهين: أحدهما: ما ذكره الشارحون والمحشُّون. ومأخذه ما أجاب الشافعي في كتاب الأم، وفي ضمن كلام الشافعي أن العرب كانوا يسطحون مرابض الغنم لا أعطان الإبل، وإن الصلاة في ناحية المربض يطلق عليها الصلاة، وأن المرابض كانت تنظف بخلاف الأعطان.
والوجه الثاني: ما ذكر ابن حزم أن حكم الصلاة في مرابض الغنم كان ثم نسخ، وكان الحكم حين لم تكن المساجد مبنية. وفي أبي داود وحديث أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتنظيف المساجد بسند قوي، وعندي قرائن دالة على ما قال ابن حزم منهما ما أخرجه البخاري في صحيحه ص (60) أن هذه الواقعة قبل أن تبنى المساجد، وعندي هذا الحديث المختصر اختصر من الحديث اللاحق في ص (61) : «أنه كان يجب أن يصلي حيث أدركته الصلاة» إلخ، فدل على أن الاعتناء كان لموضع أدركته الصلاة فيه، وأيضاً كانت أرض المدنية ذات جمرات، وكانوا يسطحون مرابض الغنم، فكان المربض أولى بأداء الصلاة، ويدل ما في معاني الآثار ص (224) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا لم تجدوا إلا مرابض الغنم ومعاطن» إلخ أن الصلاة في مرابض الغنم عند عدم وجدان أرض غيرها، وفي موطأ محمد ص (124) عن أبي هريرة: «أحسن مرابض الغنم وأطب مراحها وصلِّ في ناحيتها» إلخ، فدل على الصلاة في ناحية المربض ورفعه، ولكن الوقف صواب، والله أعلم بالصواب.