قوله: (فصلى رجل معه العصر) أي في المسجد النبوي بعدما وقع التحويل في الظهر في مسجد القبلتين.
قوله: (على قوم من الأنصار) في مسجد بني عبد الأشهل، والرجل المار كان عباد بن بشر وهو الذي أخبر أهل مسجد قبا أيضاً بتحويل القبلة، ثم في كتب السير: أن أول صلاة وقع التحويل فيها صلاة الظهر، وفي الصحيحين أنها صلاة العصر، فقال المحدثون في جمعهما: بأن التحويل وقع في وسط صلاة الظهر، وأول صلاةٍ صليت بتمامها نحو بيت الله العصر فلا تدافع، ثم اعلم أن في رواية الباب: مر رجل على قوم من الأنصار في صلاة العصر إلخ، وفي رواية صلاة الصبح وجمعوا بينهما بأن واقعة العصر واقعة مسجد بني عبد الأشهل، وواقعة الصبح واقعة مسجد قبا.
واعلم أن في حديث الباب إشكالاً من حيث الأصول، وهو أن المشهور القاطع لا ينسخ بخبر الواحد، وكان أهل مسجد بني عبد الأشهل ومسجد قبا بلغهم استقبال بيت المقدس بالتواتر وقد تركوه بخبر رجل، وقال زين الدين العراقي مجيباً: إن خبر الواحد في عهده عليه الصلاة والسلام مفيد القطع، والجواب عندي أن خبر الواحد قاطع إذا كان مؤيداً بالقرائن، وكثيراً ما يوجد العلم القطعي كما نشاهده في عرفنا، ولذا أقول: إن أحاديث الصحيحين تفيد العلم القاطع، ولكن لا بحيث لا يزول بتشكيك المشكك كما قال أبو عمرو بن الصلاح وغيره من بعض العلماء إلا شاذها ونادرها مثل حديث ثمن البعير، في ليلة البعير وهكذا يفعل من يكون له تجربة في أحوال رواة الأحاديث، وهاهنا إشكال آخر وهو أن مذهب الجمهور أن العمل بالناسخ موقوف على تبليغه أحداً من المكلفين، وقال البعض: لا حاجة إلى تبليغه أحداً بل يكفي نزوله على الشارع، في واقعة الباب عمل أهل مسجد قبا بالمنسوخ في صلاة العصر والمغرب والعشاء ومع ذلك لم يؤمروا بالإعادة، والجواب أن الضوابط يعمل بها بعد عهده عليه الصلاة والسلام، وأما في عهده عليه الصلاة والسلام فيفعل الشارع كيف ما شاء ويفوض الأمر إليه، ويدل على هذا كثير من الوقائع، ويمكن أن يقال: إن العمل بما ذكر من