~ الترمذي محمد ذو زين ... عطر مداه وعمره في مين
وله مناقب غير عديدة، منها ما قال شيخه البخاري: استفدت منك ما لم تستفد مني، وأقول: لست احصل هذا القول، فإن الترمذي وإن كان من جبال الحديث ولكن البخاري كان شمس سماء هذا الفن، ولعله مراده أنه أخذ منه العلم مثل ما لم يأخذ غيره، فإن التلميذ كما يحتاج إلى الاستفادة من الشيخ كذلك يكون الشيخ محتاجاً إلى إفادته وإفشاءه علم الدين، ويحتاج إلى تلميذ ذكي والله أعلم، وله مناقب في الحفظ منها أنه سافر للحج فلقيه بعض المحدثين في الطريق والتمس منه التحديث، قال الشيخ: جيء بالقلم والدواة، فالتمس الترمذي فلم يجدهما فجلس بين يدي شيخه وجعل يجر أصبعه على القرطاس، وأخذ الشيخ في التحديث، وروى له قريب ستين حديثاً، فإذن وقع نظر الشيخ على القرطاس فوجده خالياً صافياً فغضب على الترمذي وأخذ يقول إنك تضيع أوقاتي، فقال الترمذي: حفظت الأحاديث فقرأ الأحاديث المسموعة عنه عنده، وله مناقب أخر وأما مرتبة كتاب المصنف رحمه الله، فأول مراتب الصحاح مرتبة البخاري، والثانية مرتبة مسلم، والثالث مرتبة أبي داود، والرابع مرتبة النسائي، والخامس مرتبة الترمذي، وهذا المذكور من الترتيب هو المشهور، وعندي أن مرتبة النسائي أي كتابه أعلى من كتاب أبي داود، فيكون النسائي في المرتبة الثالثة لما قال النسائي: ما أخرجت في الصغرى صحيح، وقال أبو داود ما أخرجت في كتابي صالح للعمل فيعم الحسن والصحيح، ومرتبة الترمذي في المرتبة الخامسة حتى قال الحافظ سراج الدين القزويني الحنفي: إن في الترمذي ثلاثة أحاديث موضوعة، لكن المحدثين لم يسلموا حكم وضعه، نعم قبلوا ضعفها أشد الضعف، ولو التفت إلى أن الترمذي يحكم على أكثر الأحاديث من الصحة والحسن والضعف فيكون أعلى من أبي داود، لكن أبا داود أعلى من الترمذي بحسب الإجمال وإن لم يحكم على كل واحد من الأحاديث، وأما ابن ماجه فقالت جماعة من المحدثين إن ابن ماجة ليس بداخل في
الصحاح لا شتماله على قريب من اثنين وعشرين حديثاً موضوعاً، فعلى هذا السادس من الصحاح الستة موطأ مالك بن أنس إلا أنه رأى مكتوباً على ابن ماجه صحيح ابن ماجه بقلم علاء الدين المغلطائي الحنفي وهو معاصر ابن تيمية ومن حفاظ الحديث.
واعلم أن المؤلفات على أنواع كما ذكر الشاه عبد العزيز رحمه الله في العجالة النافعة: الجامع الذي يحتوي على ثمانية أشياء وهي هذه سير وآداب وتفسير وعقائد وفتن وأحكام وأشراط ومناقب، والجامع هو الترمذي والبخاري، وأما صحيح مسلم فليس بجامع لقلة التفسير فيه،
والسنن هي التي فيها الأحكام فقط على ترتيب أبواب الفقه، والسنن أبو داود والنسائي وابن ماجه، ويسمى الترمذي أيضاً سنناً تغليباً، وكذلك إطلاق الصحاح الستة على هذه المعهودة لأن الصحيح صحيح البخاري ومسلم وباقيتها السنن، والمسند الذي يذكر فيها الأحاديث من الصحابة