بحث آخر ولكنه بحث وإفحام الخصم ولا يبقي الإباحة أيضاً على هذا، ويكون فيه تسليم تناول الحديث المقتدي وهو أنه في الحديث: «لا تفعلوا إلا أيام القرآن» فعل القرءة وأعم من قراءة الفاتحة حقيقة كما في حال الإمام والمنفرد أو حكماً كما في حق المقتدي، وكذلك يقال في فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها حقيقةً أو حكماً فيكون في الحديث إحالة إلى الأحاديث الأخر الدالة على قراءة الإمام والمنفرد وسكوت المقتدي، ونظيره كما يقال: لا تفعلوا إلا بالأذان لقوم يثوبون بتثويب بدعة فليس، مراده أن يؤذن كل واحد منهم بنفسه، ويمكن أن يقال: إنَّ (لا تفعلوا إلا بأم القرآن) من قبيل قتلوه بنو فلان أي صدر فيهم فعل القتل لا إن قتله كل واحد وباشر بقتله كما في آية: [البقرة: 72] إلخ، ولكن هذا البحث لإسكات المناظر وليس حقيقة الأمر.
قوله: (ما يدخل) من الدخل بمعنى الغش لا من الدخول.
قوله: (وفي الباب) ثبت القراءة في السرية وتركها عن ابن مسعود وحديث عمران بن حصين أخرجه مسلم وغيره حين قرأ: «سبح اسم ربك الأعلى» إلخ، وأقول: إنه قرأ «سبح اسم ربك الأعلى» بدون قراءة الفاتحة، وأما حديث جابر فسيأتي في الكتاب عن قريب.
قوله: (فهي خداج) إلخ، خدجت الناقة من المجرد إذا ولدت قبل تمام المدة كان الفصيل تام الأعضاء أو غيرها، وأحذجت الناقة من المزيد إذا ولدت فصيلاً ناقص الأعضاء سواء كان على تمام المدة أو قبلها، وعنه الخديجة اسم من أسماء نساء العرب، وبعض علماء اللغة لا يذكرون الفرق بين المجرد والمزيد، فدل الحديث على أن الصلاة بدون الفاتحة ناقصة غير باطلة كما يقول الأحناف، ولا يلزم على هذا إدخال المكروه تحريماً في أمر الشارع فإنه ليس ها هنا أمر بل نفي الشيء بانتفاء شيء آخر بخلاف آية: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] أو حديث: فاقرأ بما تيسر معك من القرآن» أو حديث ضعيف السند: «من تشهد تمت صلاته» ، قال الشيخ عبد الحق الدهلوي رحمه الله: إن الحديث يدل على عدم ركنية السلام فيلزمه إدخال الكراهة تحريماً في أمر الشارع وذا غير جائز، وفي كتبنا تصريح أنه إذا أحدث بعد التشهد يذهب ويتوضأ ثم يأتي ويسلم.