الخطاب، فإنه أمر بالقراءة في الجهرية في سنن الدارقطني، وكتاب القراءة للبيهقي، وفي جزء القراءة للبخاري أيضاً القراءة عن عمر، لكنه خال عن قيد الجهرية وما في سنن الدارقطني فيه رجل متكلم فيه، وعندي يبلغ مرتبة الحسن، ثم روي عن عمر خلاف هذا في موطأ محمد بن الحسن، ولكنه منقطع، والمنقطع من الآثار مقبول ورجاله ثقات، وكذلك في مصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، ومنهم ابن عباس ففي جزء القراءة للبخاري القراءة خلف الإمام، وفي الطحاوي ص (121) خلافه، وهو النهي عن القراءة خلف الإمام، ومنهم صحابي آخر، وعنه أيضاً اختلاف النقل فلم يبق من الصحابة قائل بالقراءة في الجهرية إلا عُبادة، وفي مذهبه أيضاً احتمال الاستحباب، ويمكن حمل قول عمر: «وإن جهرت» الخ في سنن الدارقطني على ثالثة العشاء ورابعتها، أي في الركعة السرية للصلاة الجهرية، ولا يقال: إنه حمل على ما هو ليس مذهب أحد، أقول: إنه وإن لم يكن مذهب من الأئمة الأربعة لكنه مذهب بعض السلف، كما وقع في كتاب القراءة للبيهقي في موضعين: أن بعض العلماء يقولون بالقراءة في الركعات السرية للصلاة الجهرية، ووجدت هذا المذهب في جزء القراءة للبخاري أيضاً، وفيه: «إذا لم يجهر الإمام في الصلاة فاقرأ بأم القرآن في الأوليين من الظهر والعصر، وفي الأخريين من العشاء، وفي الآخرة في المغرب» فلا يكون حمل قول عمر على البدعة، ولكن الحمل على هذا بعيد، وأما مذاهب التابعين ففي القراءة في السرية طائفتان؛ قالت طائفة بالقراءة في السرية، وقالت أخرى بتركها فيها، وأما القائلون في الجهرية فشرذمة قليلة منهم مكحول، وعد البخاري في جزء القراءة جماعة التابعين لكن بعد فرق السرية والجهرية لا يبقى إلا شرذمة قليلة، ومأخذ المذاهب الجزئيات المروية عن ذويها، والإجمال في فتاوى ابن تيمية فإنه أثبت النفي في الجهرية، والاستحباب في السرية كما هو مذهبهم،
وأما التفقه ففي المسألة أحاديث: أحدها حديث إيجاب الفاتحة، وهو صحيح بلا ريب، والثاني: حديث أمر الإنصات، وهو صحيح بلا ريب وتردد، وإن تردد فيه البخاري في جزء القراءة، وحديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» وهو صحيح إن شاء الله تعالى، كما سيأتي عن قريب، فاختلفوا في الجمع بين الأحاديث فالتفت الأحناف إلى أحوال الأشخاص، واستثنوا المقتدي من ظواهر أوامر إيجاب الفاتحة، وأما الجمهور فخصصوا أوامر إيجابها بالسرية وقصروا الإنصات على الجهرية، وأما الشافعية فتمشوا على ظواهر أوامر الإيجاب، واستثنوا الفاتحة من أمر الإنصات، وحديث: «قراءة الإمام له قراءة» .
وأما حديث الباب فظاهره للشافعية فإن الواقعة واقعة الجهرية، وتصدى الأحناف إلى الجواب عنه، وكذلك توجه الجمهور إلى الجواب عنه، فأذكر ما أجاب مولانا المرحوم الگنگوهي رحمه الله مع إضافة أشياء من جانبي، فقال مولانا رحمه الله: لا يخرج من الحديث وجوب القراءة بل إباحتها،