[311] مسألة الباب طويلة الذيل، ولقد صنف فيها الشافعية كثيراً من الأجزاء والكتب، وصنف البيهقي كتاب القراءة، ولنا فيه حديثان صحيحان صريحان، ما أخرجها البخاري في أجزاء القراءة، وتكلم البيهقي في أسانيد مستدلاتنا، وبه عمل البخاري، وما صنف حنفي في هذه المسألة تصنيفاً مستقلاً إلا أن البيهقي يرد على حنفي، وهذا يدل على أن حنفياً صنف فيها شيئاً والله أعلم.
وحديث الباب أخرجه الشيخان في صحيحهما بدون القصة المذكورة في حديث الباب.
وأقول: إن قطعة «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» ليست في حق الجماعة بل في أحكام الصلاة، وأما في حق الجماعة فحديث: وإذا قرأ فأنصتوا» إلخ فإنه سوق الجماعة، وظاهر حديث الباب للشافعي، فإن الواقعة واقعة الجهرية، وسيجيء الكلام في هذا إن شاء الله تعالى، وأما مذاهب الأئمة: فالجمهور من أبي حنيفة ومالك وأحمد والأوزاعي وليث بن سعد وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وغيرهم إلى عدم الجواز في الصلاة الجهرية، وأما في السرية فلهم أقوال من الوجوب والاستحباب أو الإباحة، والقول القديم للشافعي عدم الجواز في الجهرية لا السرية، ثم لما دخل مصر قال بالوجوب فيهما، وكذلك في مختصر المزني بلغني عن بعض أصحابنا أن الشافعي قال بالوجوب فيهما، وقال الشافعية: إن المراد من بعض الأصحاب هو ربيع بن سليمان، فهذا مسكة الشافعية في نقل المذهب لهم عن إمامهم، ولم يسمع المزني بإذنه الوجوب عن الشافعي، وكتاب الأم للشافعي خالٍ عن الوجوب في الجهرية، في كتب المتقدمين منهم ذكر القولين واشتهر في كتب المتأخرين القول الجديد، فتفرد الشافعي في الوجوب في الجهرية، واعلم أن المروي عن أبي حنيفة عدم القراءة في السرية والجهرية، وقالوا في الجهرية بعدم الجواز، وفي السرية تحت ما روي عن أبي حنيفة أقوال خمسة، والمشهور في المتأخرين ما قال ابن همام من عدم الجواز والكراهة تحريماً، وتمسك ابن همام بآية: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] إلخ، وقال: إن الاستماع في الجهرية والإنصات في السرية والجهرية، والمذكور في الآية النهي عن القراءة خلف الإمام في الجهرية، ولا تعلق لها بالسرية، والإنصات معناه في اللغة (كان لگانا أورسننا) ويكون في الجهرية سيما إذا اجتمع الاستماع والإنصات، وما من كلام فصيح يكون الإنصات فيه في السر، وفي حديث: