قوله: (فأخف صلاته الخ) أي في تعديل الأركان، وأما تخفيف القراءة فثابت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً وكانت صلاته في المسجد كما في المستدرك بعد أن فرغ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ص (243) ، وتمسك الحجازيون بحديث الباب على ركنية تعديل الأركان بأنه عليه الصلاة والسلام قال: «إنك لم تصل» ، وتمسك العراقيون به على وجوب تعديل الأركان بقوله عليه الصلاة والسلام: «وإن انتقصت منه شيئاً انتقصت من صلاتك» الخ، ولي في حديث الباب إشكال، وهو: أنه كيف يسكت صاحب الشريعة على فعل المكروه تحريماً والحرام الصريح؟ قال صاحب البحر: إن ارتكاب المكروه تحريماً صغير، وقال العلامة في التلويح: إنه قد يكون كبيرة أيضاً والحق إلى العلامة، وفي المتون أن المكروه تحريماً أقرب إلى حرام، ونص محمد على أن كل مكروه حرام، فرجل الباب مرتكب الحرام عند جمهور الأئمة، ومرتكب المكروه تحريماً عندنا، فما أجاب العلماء إلا بأن سكوته عليه الصلاة والسلام كان للتعزير وهذا بعيد لا يقبله اللبيب، وأيضاً هذا إنما يصح على تقدير عدم إساءة من يصلى بالكراهة أو بالحرام ويريد أنه يصلي بالصحة بعده ثانياً في الوقت، ولم أجد النقل فيه هذا وينظر أن الرجل الذي ارتكب المكروه تحريماً هل يحرز شيء ثواب أم لا؟ فذكر في النهر أنه لا ثواب له أصلاً في قول، وشيء ثواب في قول، وأما الشافعية فلهم في وجدان الثواب أقوال أربعة ذكرها في جمع الجوامع وأقول: إنه لا يحرز الثواب في صوم الأيام الخمسة، ويحرز شيء ثواب لو عرض الكراهة في الصوم سوى كراهة الأيام الخمسة، ولو ارتكب المكروه تحريماً يحرز شيء ثواب في
الصلاة، ودل كثير من مسائل صاحب المذهب أبي حنيفة على ما حررت من وجدانه شيء ثواب، قال أبو حنيفة: من شرع الصوم في الأيام الخمسة لا يجب عليه القضاء، ولو شرع الصلاة في الأوقات المكروهة يجب عليه قضاؤها بإفسادها، وأشكل وجه الفرق بين الصوم والصلاة على كثير من العلماء