[289] ثبت كثير من صيغ التشهد، والأشهر وهو أصح ما في الباب بإقرار المحدثين تشهد ابن مسعود، وهو مختار الأحناف، واختار مالك تشهد الفاروق الأعظم، واختار الشافعي تشهد ابن عباس، وفي عامة كتبنا جواز كل من التشهدات، وقال صاحب البحر باحثاً من جانبيه: ينبغي وجوب تشهد ابن مسعود، وتشهد ابن مسعود مروي بستين طرقاً ذكره البزار، وأخرجه محمد في كتاب الآثار، قال محمد: أخذ أبو حنيفة بيدي وعلمني تشهد ابن مسعود، قال: أخذ حماد بيدي وعلمني تشهد ابن مسعود، قال أخذ إبراهيم النخعي بيدي وعلمني تشهد ابن مسعود وصله إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قوله: (التحيات) أي العبادات القولية.
و (الصلوات) أي الفعلية. (الطيبات) أي المالية، وذكر بعض الأحناف قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ليلة الإسراء: «التحيات لله» إلخ، قال الله تعالى: السلام عليك أيها النبي إلخ، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «السلام علينا وعلى عباد: الله، إلخ، ولكني لم أجد سند هذه الرواية، وذكره في الروض الأنف، وفي البخاري عن ابن مسعود: كنا نقول بالخطاب في حياته عليه الصلاة والسلام، وبالغيبة بعد الوفات، وقال السبكي في شرح المنهاج: كان جمهور الصحابة يقولون بالخطاب في الحالين خلاف ابن مسعود وتبعه، وأقول: إن ألفاظ الخطاب في لسان العرب لاستحضار المخاطب تخييلاً، ولا يجب علم المخاطب، كما يقال: واجبلاه واويلاه يا زيداه للميت، فعلى هذا لا يدار الخطاب على حالة الحياة، وفي المفصل: المنادى ما يدخل عليه لفظ النداء، واعلم أنه عليه الصلاة والسلام من قال: السلام عليك وهو يزعم أنه عليه الصلاة والسلام يعلم كلامه فارتكب الأمر غير الجائز، وعلم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطلاعي لا كلي فإن علم الله تعالى غير متناه وعلمه متناه، كما يدل كثير من الآيات والأحاديث على هذا، وأكفر الفقهاء من قال: علم الغيب لغير الله تعالى.