الرفع مرة والترك مرة، ولينظر إلى ما في موطأ ص (90) عن أبي هريرة فإنه دال على أنه لم يرفع إلا المرة الأولى، ورواية أبي موسى رواها البخاري في جزء رفع اليدين تعليقاً وهي صحيحة، ورواية جابر بن عبد الله غير محفوظة، ورواية عمير الليثي لا تصلح أن تعرض لكونها قريبة إلى الموضوعات.
قوله: (ولم يثبت حديث ابن مسعود الخ) قال ابن دقيق العيد: إن عدم قبول ابن المبارك لا يقدح لثبوته عند غيره من المحدثين، وصححه ابن قطان المغربي في «كتاب الوهم والإيهام» وكذلك صححه ابن حزم الأندلسي، ونقل الحافظ تصحيح الدارقطني حديث الترك في الدراية، وذكر تعليله في تلخيص الحبير، فكنت متردداً في هذا، حتى رأيت في البدر المنير لبدر الدين الزركشي أن الدارقطني صححه في موضع، وأعله في موضع ونقل الزركشي تصحيح ثلاثة المذكورين وقال ابن دقيق العيد: كيف يعلل ابن المبارك حديث ابن مسعود والحال أنه يدور على عاصم بن كليب وهو من رواة مسلم؟ وقال حنفي فاضل: إن حديث ابن مسعود مروي بالمضمونين الرفع الفعلي والرفع القولي، وتغليط ابن المبارك للمضمون الثاني، والمضمونان رواهما الطحاوي ص (132) بسند صحيح، وقال ذلك الفاضل: كيف وقد روى ابن المبارك فعل ابن مسعود؟ أي المضمون الأول في النسائي ص (168) ، وتعرض البخاري إلى تعليل حديث الترك في جزء رفع اليدين، ولكنه علل قطعة لم يرفع يديه إلا في أول مرة، وأقول لا يمكن تعليله، ولعل منشأه أن سفيان بن عيينة يقول: إني سمعت حديث براء بن عازب عن يزيد بن أبي زياد مرة، ولم يذكر لفظ: ولم يعد ثم أتيته فسمعته مرة أخرى، وقال: ولم يعد، وفي غير نسخة اللؤلؤي لأبي داود، وقال ابن عينية: لعل يزيد لقن فقيل والتلقين: أن يروي الشيخ، ويقول الآخر: هذا اللفظ أيضاً في روايتك، فيقول الشيخ نعم، والتلقين علامة الضعف فسرى إلى الأذهان أن لفظ (لم يعد) في رواية ابن مسعود أيضاً خطأ، ورواية ابن مسعود في بعض طرقها (ولم يعد) في بعضها: (لم يرفع يديه إلا في أول مرة) .