في داخل الصلاة، وأيضاً نقول: إن جهره عليه الصلاة والسلام كان للتعليم لما في أبي داود ص (142) : (حتى يسمع من يليه من الصف الأول) بطريق بشر بن رافع، وهو متكلم فيه، وقد ثبت الجهر بالأدعية للتعليم لما روينا في ما سبق، كيف لا وقد صرح وائل بنفسه: (ما أراه إلا ليعلمنا) إلخ، أخرجه أبو بشر الدولابي في كتاب الأسماء والكنى بسند يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو مختلف فيه، وثقه الحاكم في المستدرك، ولكنه متساهل في حق الرواة في مستدركه، ووثقه ابن حبان فإنه ذكره في كتاب الثقات، ولكنه ذكره في كتاب الضعفاء أيضاً، فتحيرت من هذا وربما يذكر راوياً في الكتابين، فقيل: إنه يسهو عن ذكره في الكتاب الأول، وإني رأيت في كتاب الضعفاء تحت ترجمة إبراهيم بن طهمان أن هذا له دخل في الضعاف والثقات، فذكرته في الكتابين فذهب ما أبرئ قلبي، ما وقع عند ابن خزيمة، فإنه لما تكلم على مسألة وضع الركبتين بعد اليدين على الأرض نقل حديث تقديم الركبتين بسند جيد ثم ذكر ناسخه، وقال: إن الأول منسوخ، وقد وقع يحيى بن مسلمة بن كهيل في سند الناسخ، وضعف حديث سفيان بن قطان المغربي، ذكره الزيلعي في التخريج، ولكن الجمهور يصححون حديث سفيان ويضعفون حديث شعبة، وقد صححهما القاضي عياض، وقد نقل العيني تصحيح بعض أئمة الحديث، ولكنه لم يسمّهم، وقال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار: إن الحديثين صحيحان، واختار الإخفاء، فإن جمهور السلف إلى الإخفاء وأما بعد تسليم المحدثين فكيف الجمع بينهما؟ ولعله يكون مثل ما قال الشيخ ابن الهمام، ويؤيدنا ما في أبي داود من مجيء وائل بحضرته مرتين فلعله جهر للتعليم، ويدل على التعليم ما في معجم الطبراني عن وائل أنه عليه الصلاة والسلام أمَّن ثلاث مرات، وقال الحافظ كما في شرح المواهب: تثليث آمين بتثليث الواقعة لا أنه أمَّن ثلاثاً في واقعة واحدة، كما زعمه بعض الناس الجاهلون، فدل على
التعليم، وفي معجم الطبراني زيادة: (اللهم اغفر لي) قبل آمين والله أعلم، وفي سنن الدارقطني قال عبد الرحمن بن مهدي: أشد شيء في حديث سفيان أن رجلاً وجه سفيان إلى نفسه، وتكلم معه في أثناء الحديث فما أدركت ما قال سفيان كل الإدراك، ولنا أن مذهب سفيان إخفاء آمين مع أنه يروي جهره، ومر ابن تيمية وابن القيم على مسألة الباب فقالا: إن الاختلاف في اختيار المباح ورجحا الجهر في بعض المواضع، فعلم أن الخلاف ليس بشديد.
قوله: (حديث سفيان) في هذا أصح ما أتوا بالمتابعات لسفيان: مع أنه موجود في النسائي