المستحب، وسيأتي تطبيقه على مذهبنا، وقيل أن المراد من الوقتين وقتا أمس مثلا ما بين الظهر والعصر، ولكنه لا يستقيم كليةً أيضاً، وأيضاً لا احتياج في هذا إلى مجيئ جبرائيل يومين.
واعلم أن جمهور الأمة إلى أن وقت الظهر إلى المثل، والعصر منه إلى قبيل الاصفرار، وعن أبي حنيفة روايات والمشهورة عنه ـ وذكرها أرباب المتون أن وقت الظهر عنده إلى المثلين وقال صاحب النهاية على الهداية: إنها ظاهر الرواية، وتبعه ابن عابدين، أقول: في البدائع تصريح بأن آخر وقت الظهر ليس بمذكور في ظاهر الرواية، ومرتبة البدائع أعلى وأرفع، وإني ما وجدت هذا في الجامعين والزيادات والمبسوط، وقد صرح السرخسي في مبسوطه أن محمداً لم يتعرض في مبسوطه لآخر وقت الظهر، ثم تعرض السرخسي وروى الروايتين.
(ف) يطلق لفظ المبسوط على مبسوط محمد وشروحه لعلها تبلغ عدة شروح، والتمييز بالإضافة إلى مصنفه، مثل أن يقال: مبسوط محمد ومبسوط السرخسي، وكذلك حال الجامع الصغير، وله شروح تبلغ خمسين شرحاً.
والرواية الثانية عن أبي حنيفة: أن وقت الظهر إلى المثل، وبعده وقت العصر، وفي عامة كتبنا أنها عن حسن بن زياد عن أبي حنيفة، وفي مبسوط السرخسي أنها عن محمد بن حسن عن أبي حنيفة.
والرواية الثالثة: أن وقت الظهر إلى المثل، ووقت العصر من المثل الثالث، والمثل الثاني مهمل، وهذه مروية بطريق أسد بن عمرو.
والرواية الرابعة في عمدة القاريء، وصححها الكرخي عن أبي حنيفة: أن وقت الظهر إلى أقل قامتين، ولا يدخل وقت العصر حتى يصير مثلين، وهذه الرواية مشتبهة أي مشتملة على زيادة الخبر، بخلاف غيرها فإنها نافية أي غير مشتملة على زيادة الخبر، وهذه الروايات عندي عبارات محتاجة إلى التفصيل، ومحصل الكل عندي: أن المثل الأول مختص بالظهر، والمثل الثالث مختص بالعصر، والمثل الثاني مشترك بين الظهر والعصر، واشتراك الوقت ثابت عن بعض السلف كما قال الطحاوي، وثابت عن الأئمة الثلاثة من أحمد والشافعي ومالك بن أنس، وقال الشافعي: من طهرت في آخر العصر يلزمها قضاء الظهر والعصر، ومن طهرت في آخر العشاء، يلزمها قضاء المغرب والعشاء فلا بد من أن يقول باشتراك الوقت، وإلا فكيف يوجب قضاء الوقتين؟ فأقول: إن حديث الباب لأبي حنيفة