responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاستذكار نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 4  صفحه : 304
يَتَمَتَّعُونَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَلَا يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَا يَخْلِطُونَ عُمْرَةً مَعَ حَجَّةٍ وَلَا يَجْمَعُونَهَا فَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ فِي الْحَجِّ بِغَيْرِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَأَوْضَحَ مَعَالِمَ الدِّينِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ
فَحَدِيثُ حَفْصَةَ هَذَا يَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الْقِرَانِ لِأَنَّ هَدْيَ الْقِرَانِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا سَاقَهُ الْمُفْرِدُ لِأَنَّ هَدْيَ الْمُفْرَدِ هَدْيُ تَطَوُّعٍ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا وَلَوْلَا هَدْيُهُ الْمَانِعُ لَهُ مِنَ الْإِحْلَالِ لَحَلَّ مَعَ أَصْحَابِهِ أَلَّا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً يَعْنِي عُمْرَةً مُفْرَدَةً يَتَمَتَّعُ فِيهَا بِالْحِلِّ إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ وَمَنْ سَاقَ هَدْيًا لِمُتْعَتِهِ لم يمنعه مِنَ الْحِلِّ
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ كَانَ قَبْلَ الطَّوَافِ لِلْقُدُومِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَوْلُهَا فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ
وَهَذَا كله ينبغي أَنْ يَكُونَ هَدْيُهُ هَدْيَ مُتْعَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هَدْيَ مُتْعَةٍ لَحَلَّ حِينَئِذٍ مَعَ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِيُخَالِفَهُمْ وَيَعْتَذِرَ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُ لَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ
قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ الْمُعْتَمِرُ يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ إِذَا طَافَ وَسَعَى سَاقَ هَدْيًا أَوْ لَمْ يَسُقْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا سَاقَ الْمُعْتَمِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ هَدْيًا وَهُوَ يُرِيدُ الْمُتْعَةَ لَمْ يَنْحَرْهُ إِلَّا بِمِنًى وَطَافَ وَسَعَى وَأَقَامَ إِحْرَامًا وَلَا يَحِلُّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَحْلِقُ وَلَا يُقَصِّرُ لِأَنَّهُ سَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ فَمَحِلُّهُ مَحِلُّ الْهَدْيِ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ
قَالُوا وَلَوْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ حَفْصَةَ أَيْضًا مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَوْلَهَا وَقَالَ لَهَا إِنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْهَدْيِ
وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالِي (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) الْبَقَرَةِ 196 وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِلَّا مَنْ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَتَمَتَّعَ بِالْإِحْرَامِ إِلَى أَنْ يُحْرِمَ لِحَجِّهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ
وَأَمَّا هَدْيُ الْقِرَانِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنَ الْإِحْلَالِ والفسخ عند جمهور السلف والخلف إلا بن عَبَّاسٍ
وَتَابَعَتْهُ فِرْقَةٌ إِذَا لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ جَازَ لَهُ فَسْخُ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ
قَالَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ روى خصيف عن طاوس وعطاء عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْقَارِنَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً إِذَا لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ
قَالَ أَبُو عمر قول بن عَبَّاسٍ يَحْتَمِلُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَحَلَلْتُ يَعْنِي فَسَخَتُ الْحَجَّ مِنَ الْعُمْرَةِ كَمَا أَمَرْتُكُمْ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ خُصُوصٌ لَهُمْ بِالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لِقَوْلِ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ 196 وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَدْيُ الْقِرَانِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ عِنْدَ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَالْأَوْلَى بِمَنْ يَرَوْنَ الْإِنْصَافَ أَلَّا يَشُكُّوا فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ هَذَا أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا مَعَ مَا يَشْهَدُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ القران
وإنما اختار مالك (رحمه الله) القران وَمَالَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ
مَالَ إِلَى مَا رَوَى وَهَذَا اللَّازِمُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ مَا عَلِمَ وَحُكْمُهُ عَلَى اخْتِيَارِ الْإِفْرَادِ أَيْضًا مَعَ عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اخْتِيَارِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ
وَالْإِفْرَادُ مَا صَحَّ عِنْدَهُ عَنَ الْخَلِيفَتَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أَنَّهُمَا أَفْرَدَا الْحَجَّ وَعَنْ عُثْمَانَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا
وَكَانَ عُمَرُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَنْهَى عَنْهُ وَيَقُولُ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ فَهُوَ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ أَنْ تَكُونَ عُمْرَتُهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ
فَاخْتِيَارُ مَالِكٍ هُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) وكان مالك

نام کتاب : الاستذكار نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 4  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست