الْأَمْرِ مِنْكُمْ [1] فأمر عباده المؤمنين بطاعته. وطاعة رسوله. وأولي الأمر فأفاد أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
لأنه إذا أمر بمعصية فأطعناه لم نحقق طاعة الله وطاعة الرسول. فكانت الآية شاهد ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه لا طاعة لأولياء الأمور. فيما فيه مخالفة الله أو الرسول.
أولو الأمر:
هم الذين وكل إليهم القيام بالشؤون العامة. والمصالح المهمة.
فيدخل فيهم كل من ولي أمرا من أمور المسلمين: من ملك ووزير. ورئيس ومدير.
ومأمور وعمدة. وقاض ونائب وضابط وجندي وقد أوجب الرسول صلى الله عليه وسلم على كل مسلم السمع لأوامر هؤلاء. والمبادرة إلى تنفيذها. سواآ كانت محبوبة له. أم بغيضة إليه وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [2] فإذا دعونا إلى الحرب. وبذل المال في سبيلها لبّينا الطلب. وإذا طالبونا بالضرائب المشروعة دفعناها. وإن طلبوا منا المساعدة على حفظ الشواطىء والمزارع من المياه الطاغية [3] أجبنا. وإن رغبوا في معونتنا لأهل بلد اجتاحهم حريق أو نابتهم نائبة حققنا رغبتهم. وهكذا نسمع كل ما أمروا به وننفذه، سواء وافق رغباتنا وميولنا أو خالفها، وسواء شق علينا أم سهل ما دام في المصلحة العامة، وما دام في دائرة الحلال المشروع، أما إن أمرونا بمعصية كإتهام بريء، أو حبسه. أو إيذائه، أو مصادرة ماله ظلما وعدوانا، أو رغبوا إلى القضاء أن يحيد عن الحق ويحكم بالباطل، أو أرادوا مالنا وحيواننا ورجالنا لمساعدة عدونا. أو أرادوا أن نخط بيدنا صك الاستعباد لنا ولأبنائنا وأحفادنا، أو طلبوا أن نرخص لمن يرغبن في الإتجار بأعراضهن، أو من يتجرون في الخمور، أو يفتحون ناديا للميسر- إن أمرونا بشيء من ذلك أطعنا الله وعصيناهم وأرضيناه وإن أغضبناهم. فطاعتهم محرمة، ومخالفتهم واجبة.
هذا وقد جاءت أحاديث فيها إطلاق الأمر بطاعة الولاة، والصبر على مكارههم، وعدم الخروج عليهم، كحديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [1] سورة النساء، الآية: 59. [2] سورة البقرة، الآية: 216. [3] المياه الطاغية: طغى الماء: فاض وتجاوز الحد في الزيادة.