واسعا. والإقتطاع: من القطع وهو الفصل. وذلك أن الحالف كذبا يقطع المال عن صاحبه أو يأخذ قطعة من ماله. وتبوأ المكان: سكنه ونزل به مأخوذ من البواء، وهو استواء المكان وعدم الإنخفاض فيه والإرتفاع، يقال بوأت لفلان مكانا سويته له فتبوأه أي أقام فيه. والآية تقدم شرحها في الحديث (16) . والجحود: الإنكار.
والبينة: الدلالة الواضحة عقلية كانت أو حسية. وتقال للشاهدين لأنهما يبينان الحق.
الشرح:
عبد الله بن مسعود كان يحدث جماعة بحديث اليمين الكاذبة. ويذكر الآية التي أنزلها الله من آل عمران تصديقا للرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه. فدخل عليهم الأشعث بن قيس، وسألهم عما يحدثهم به أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود فقالوا:
كذا وكذا يعنون حديث اليمين والآية المصدقة له. فقال: هذه الآية نزلت فيّ.
وذلك أنه كان لي بئر ضمن أرض لابن عم لي فجحدني ملكي. ومنعني حقي.
فاختصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعت أمره إليه. فقال: بينتك أو يمينه. أي لك بينتك تقيمها على صدق دعواك. أو يمين خصمك إن لم تكن لك بينه. فإن حلف لم يكن لك عليه طلب وإن نكل كان لك ما ادعيت.
فقال: إنه إذا وجهت إليه اليمين حلفها زورا. ويذهب بمالي. ويضيع عليّ بئري. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين صبر» ... إلخ أي أنه إن كذب عليك في اليمين. واقتطع مالك فإن الله يتولى عقابه في الآخرة. ولسوف يعوضك الله من حقك المال الكثير. أو الثواب الجزيل. ذلك ملخص القصة.
ومعنى الحديث أن من حلف على شيء حلفا كاذبا أجأته إليه الخصومة.
وحمله عليه الجحود والمكابرة في الحق. وهو بها محدث في دينه حدثا. وفاتق فيه فتقا وخارج عن الحق خروجا- من حلف هذه اليمين ليسلب به مال إنسان أو حقه.
ويحول بينه وبينه لقي الله في القيامة وهو عليه غضبان. فينتقم منه على كذبه واستيلائه على مال غيره، بهذه الطريقة الخاطئة، واليمين الفاجرة. ويدخله ناره ليتخذ له فيها منزلا، يصلى سعيه، ويقاسي جحيمه، فإن كان الذي اقتطع ماله أخا مسلما كان الجرم أكبر، والعقاب أعظم فإن واجب المسلم نحو المسلم مساعدته على استرداد حقوقه، واسترجاع ماله؛ أما أن يقتطع قطعة من ماله ظلما وعدوانا ويكذب في سبيلها