فأولها: غض البصر:
فإن أرسلته لتعرف سائر، أو تمتع بمنظر فاتن؛ من خضرة ناضرة؛ ومياه جارية؛ وسماء صافية؛ وصور متحركة- فلا ترسله إلى السيدات، والفتيات المارات، مشبعا بجراثيم الشهوة، محملا ببواعث الفتنة فإن ذلك الذي حرم القرآن بقوله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ [1] ، وإذا كان النظر إليهم محرما فما بالك بمن يلفظ بالهنات، ويقول المفظعات ويرمي المحصنات الغافلات؟ إن وزره لكبير، وإثمه عند الله عظيم، وكما تحرم عليك النظرة المسمومة للسائرات كذلك تحرم للاتي يطللن من خدورهن ويبرزن من فتحات دورهن لقضاء مصلحة؛ ولترويح نفس ضائقة؛ كذلك لا ترسل البصر ساخرا بالناس؛ أو حاسدا أو زاريا أو غاضبا؛ بل كفّ منه، وأرسل منه؛ فكفه عن الحرام؛ وأرسله في الحلال.
وثانيها: كف الأذى:
فلا تؤذ سائرا بلسانك أو يدك؛ فتشتمه أو تسبه؛ أو تنهال عليه ضربا باليد أو العصا من غير ما جرم اجترمه [2] ، ولا ذنب اقترفه، ومن الإيذاء سلبه شيئا مما يحمله من غير أن تطيب به نفسه، أو إراقة الماء في طريقه حتى تزلّ به الأقدام، أو وضع عقبات في الطريق يعثر فيها المشاة؛ أو إلقاء قاذورات، أو أشواك تضر بالسابلة [3] ، أو تضييقه الطريق بمجلسه أو قعوده حيث يتأذى الجيران فيكشف نساءهم، ويقيد عليهم حريتهم كل ذلك وأضرا به مما يجب كفه، والعمل على إبعاد المارة منه.
وثالثها: رد السلام:
فإن ذلك فريضة محكمة [4] ، وسنة متبعة. وإنه رسول الألفة وداعية المحبة، ولا تسأم كثرته من المارين. فإن كلا يتحبب به إليك ويحييك ويكرمك، أفلا تجيب التحية بمثلها أو خير منها؟ أفلا تود من وادك، وتكرم من كرمك؟ ذلك خلق الكريم أفلا تكونه؟.
ورابعها وخامسها: الأمر بالمعروف النهي عن المنكر:
وإن ذلك لواجب مقدس للمسلم على أخيه المسلم؛ فإذا رأيت عربة ذات حمل ثقيل. ناء بجرها البهيم، أو رأيت حيوانا حمل فوق طاقته فانه عن هذا المنكر، ومر السائق بالتخفيف، وإذا رأيت [1] سورة النور، الآية: 30. [2] جرم اجترمه: ذنب وخطأ ارتكبه وفعله. [3] السابلة: المارة في الطريق. [4] محكمة: بينه وواضحة.