في الربح منها، مكثرا من المساومة فيها، بل يكون كريم النفس، راضيا بيسير الربح، مقلا من الكلام.
والسماحة في الشراء:
أن يكون سهلا في كياسة، فلا يدقق في الدانق والملّيم، خصوصا إن كانت السلعة شيئا هينا كفجلة أو بصلة، والمشتري غنيا، والبائع فقيرا معدما، ولا يسأم [1] البائع بالأخذ والرد، وتعطيله عن المشترين الآخرين، أو مصالحة الآخرى، ولا يكثر التقليب في البضاعة بعد أن سبر غورها [2] ، ووقف على حقيقتها.
والسماحة في الاقتضاء:
أن يطلب حقه أو دينه في هوادة [3] بلا عنف وفي لين بلا شدة، ويراعي حال المدين فإن كان معسرا أنظره وأخره، بل إن كانت حاله لا تسمح بالسداد تصدق عليه بحقه أو من حقه وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [4] . ومن السماحة في الاقتضاء: ألا يطالب المدين على مشهد من الناس ومسمع، خصوصا إذا كانوا لا يعلمون بالدين. أو يتأذي المدين بالجهر. وألا يلحف [5] في الطلب. أو يطالبه في أوقات راحته وهناءته؛ فينغص عليه صفوه، وهو من أحرص الناس على قضاء الحقوق وألا يرفع أمره إلى القضاء وهو مستعد للدفع في وقت قريب فيغرمه الرسوم وأجر المحاماة، ويشغل باله. ويستنفذ من وقته من غير جدوى تعود عليه. - إلا الإضرار بأخيه- كل ذلك من حسن الاقتضاء.
وأما السماحة في القضاء:
فأن يرد الحق لصاحبه في الموعد المضروب، ولا يكلفه عناء المطالبة أو المقاضاة، ويشفع القضاء بالشكر والدعاء، أو الهدية إن كان لها مستطيعا إلى غير ذلك مما ينطوي تحت المسامحة.
فالحديث يرغبنا في حسن المعاملة، وفي كرم النفس، وفي مراعاة المصلحة، وفي حفظ الوقت. [1] يسأم: يتعب. [2] سبر غورها: تبين له حقيقتها وسرها. [3] الهوادة: الرفق والتأني. [4] سورة البقرة، الآية: 280. [5] يلحف: يلحّ.