وفي هذا الحديث أحكام منها:
1- القضاء على الغائب فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى لهند باستحقاقها النفقة وأمرها بأن تأخذها من مال أبي سفيان بدون أن يسمع قول أبي سفيان، وفيه خلاف للفقهاء. فالحنفية لا يجوّزون القضاء على الغائب إلا بحضور وكيله أو وليه ليسمع الدعوى وتقام البينة في مواجهته فعسى أن يكون له دافع أو اعتراض يبطل دعوى خصمه.
ولما ورد من الآثار المفيدة عدم الحكم بقول أحد الخصمين حتى يسمع القاضي كلام الآخر؛ ولم يفرق الحنفية في ذلك بين النفقات وغيرها ولكن الإمام زفر أجاز القضاء على الغائب في النفقات عملا بهذا الحديث ولأنه من باب الإعانة لوصول الزوجة إلى حقها على زوجها.
وهذا هو ما عليه العمل في مذهب الحنفية لأنهم عدوا القضاء في هذه الحال من باب الفتوى كما يشعر به الحديث لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب منها إثبات ما به تستحق النفقة هي وأولادها من بقاء الزوجة ولزومها طاعة زوجها وأن ما يعطيها زوجها لا يكفيها وأن أولادها الذين تطلب لهم النفقة ليسوا أغنياء وقد قيل إن من أولادها الذين عنتهم معاوية وكان وقتذاك ابن ثمان وعشرين سنة ومثله لا ولاية لها في طلب نفقته. كل ذلك يدل على أن عمل النبي صلى الله عليه وسلم كان من قبيل الفتوى لا الحكم القضائي؛ وإلا لوجب ثبوت هذه الأمور كلها قبل القضاء.
2- أن القول قول الزوجة إن الزوج لم يعجل لها النفقة وأن النفقة مقدرة بالكفاية وإن كان الحنفية- على المفتى به عندهم- ضموا إلى هذا الحديث قوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [1] ، الآية وقالوا إن النفقة تقدر بحال الزوجين معا.
3- جواز ذكر الإنسان غيره بما لا يحب إذا كان على وجه الإستفتاء والإشتكاء ولا يعد ذلك غيبة محرمة.
4- وجوب نفقة الأولاد بشرط الحاجة والفقر. [1] سورة الطلاق، الآية: 7.