اللغة:
البيعان: البائع والمشترى، ويسمي المشتري، بيعا من باب التغليب لأن البيع هو البائع. الخيار: اسم من الاختيار أو التخيير وهو: طلب خير الأمرين من إمضاء البيع أو فسخه. والمراد به خيار المجلس في الفسخ لأن الإمضاء لا يحتاج إلى شيء زائد على الإيجاب والقبول ويكفي فيه السكوت. يتفرقا: يفترقا بأبدانهما، وقيل: يفترقا بالأقوال أي ما لم يتم البيع بالإيجاب والقبول. وزعم بعضهم أنه يقال افترقا بالكلام وتفرقا بالأبدان ورد ذلك بقوله تعالى: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [1] فإنه ظاهر في التفرق بالكلام لأنه المخالفة في الاعتقاد.
ويرجح حمل التفرق في الحديث على تفرق الأبدان ما رواه البيهقي بلفظ «حتى يتفرقا من مكانهما» وبأن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا باع أو اشترى شيئا ولم يشأ الرجوع، قام من مجلسه ومشي هنيهة [2] ، صدقا وبيّنا، أي صدق البائع المشتري في نوع المبيع وسلامته من العيوب وبين له ما فيه. وصدق المشتري البائع في نوع الثمن وجنسه وبين له ما فيه من عيب أو نحوه كتما وكذبا. أي أخفى كل منهما عن الآخر ما في البدل الذي يكون من جهته وغش كل الآخر فيما عليه البدل.
محقت بركة بيعهما: أي قلت وضاعت الزيادة والفائدة التي كان يرجوها كل منها البائع في الثمن والمشتري في المبيع بما يبتليهم الله به من الجوانح [3] والمصاب التي تذهب بما في أيديهما.
الشرح:
قد يشتري الإنسان شيئا من آخر لحاجة له فيه ثم يندم على الشراء لطروء ما يدعو للندم من رغبة عما اشتراه أو استكثار الثمن أو بدو أمر لم يكن باديا من قبل، يقتضي رد المبيع، وقد يبيع شيئا من ماله لحاجة عرضت ثم يتبين له أفضلية بقائه، إما لتبين خسارة في البيع، أو اهتدائه إلى مخلص سوى البيع من الحاجة التي دعت إليه، فيود كل منهما أن لو أقاله [4] صاحبه وفسخ ما بينهما من عقد أو وجد
- ورواه النسائي في كتاب: البيوع، باب: وجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما (4476) . ورواه أحمد. [1] سورة البيّنة، الآية: 4. [2] هنيهة: قليلا من الزمان. [3] الجوانح: مفردها جانحة وهي المصائب. [4] أقاله: فسخ العقد الذي بينهما.