وملاقاة المحن، بل يلطم الخدود، ويسخم [1] الوجوه، ويدق الصدور، ويشق الجيوب، ويمزق الثياب ويقطع الهندام، ويدعو بدعوى الجاهلية فيقول: واأبتاه، وا أماه، وا ولداه، وا زوجاه، وا قريباه، وا مصيبتاه، وا داهيتاه، وا مالاه، وا بيتاه، ويقول كلّما يعترض بها على القدر؛ وينقد قضاءه- من كان كذلك فليس من المسلمين.
إنما المسلم الثابت الرزين الصابر المحتسب: الذي لا يدفعه الحزن إلى التسخط، بل يكون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حال وفاة إبراهيم ولده، جعلت عيناه تذرفان الدمع، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة» ، ثم أتبعها بأخرى، وقال: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» ، فليتق الله رجالنا ونساؤنا فيما يصنعون وقت المصائب، وليعلم الأزواج الذين يسمحون لنسائهم بالنياحة والتعديد [2] ، ولطم الخدود، ودق الطبول، أنهم شركاؤهن في الإثم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ [3] .
10- باب: أنواع الصدقة
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كلّ مسلم صدقة» ، وفي رواية زيادة: «كلّ يوم» ، فقالوا: يا نبيّ الله فإن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدّق» . قالوا: فإن لم يجد؟ قال:
«يعين ذا الحاجة الملهوف» . قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمل بالمعروف» - وفي رواية- «فليأمر بالخير أو بالمعروف، وليمسك عن الشّرّ» ، وفي رواية- قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: «فليمسك عن الشّرّ فإنّها له صدقة» . وفي رواية: «فإنّه» [رواه البخاري ومسلم والنسائي] [4] . [1] يسخم: يسوّد. [2] التعديد: ذكر المناقب الحميدة. [3] سورة التحريم، الآية: 6. [4] رواه البخاري في كتاب: الزكاة، باب: على كل مسلم صدقة ممن لم يجد ... (1445) . -