وهذا الحديث يوافق قوله تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [1] . ويحض على مداومة تلاوة القرآن ويفيد إباحة القسم عند الخبر المقطوع بصحته مبالغة في تثبيته في صدر سامعيه.
105- باب: التعوذ من الإثم والدّين
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصّلاة ويقول: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من المأثم والمغرم» ، فقال قائل: ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم؛ فقال: «إنّ الرّجل إذا غرم حدّث فكذب ووعد فأخلف» . [رواه البخاري [2] ] .
الشرح:
المعاصي محارم الله التي نهى عباده المؤمنين عن اقترافها [3] وحذرهم من انتهاكها وأن يحوموا حولها. والدّين- وقاك الله ذله- مثقل الأعناق، وطريق المنة والأذى وسبيل الفقر ومورث المهانة في أكثر أحواله؛ فلا غرو [4] أن استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم منهما وأكثر من استعاذته في صلواته حتى أدرك ذلك الصحابة فسأل أحدهم عن الباعث على كثرة تعوذه. من الدّين. فقال: إن الرجل إذا أدان اضطر إلى أن يخفي معسرته وبؤسه حتى لا يشمت فيه عدوه ولا يلحف [5] في مطالبته غريمه، فيظل يملأ ما ضغيه بزخرف من القول، يموه به على سامعيه، ويجافي بينهم وبين الإطلاع على حقيقة أمره، ودخيلة نفسه، ويظل يقول إن لي عقارا بجهة كذا، وتجارة لن تبور في أصناف كذا وكذا، تدر عليّ من الأرباح كل عام القناطير المقنطرة من [1] سورة المزمل، الآية: 5. [2] رواه البخاري في كتاب: الاستقراض، باب: من استعاذ من الدّين (2397) . [3] اقترافها: ارتكابها وإتيانها. [4] لا غرو: الغرو: العجب، أي لا أعجب. [5] يلحف: أي يلح.