اللذة الكاملة والسعادة الشاملة.
وإياك أن تعوذ بالله من هذه الثمانية وأنت لسبيلها سالك وفي التلوث بها مقيم بل الواجب عليك أن تجتنبها أو تأخذ في التقصي عنها وإياك أن تلوكها «1»
بلسانك ولا تمرها بقلبك فإن الدعوة الطيبة ما صدرت عن القلوب قبل أن تلفظ بها الأفواه.
92- باب: أفضل الصدقات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: «أن تصّدّق وأنت صحيح، حريص» . وفي رواية «شحيح، تأمل الغنى، وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم» ، قلت لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان. [رواه البخاري «2»
] .
اللغة:
الحرص: الجشع. والشح: منتهى البخل، تأمل الغني: تطمع فيه بلغت الحلقوم: قاربت الروح الموت، إذ لو بلغت حقيقة الموت لم يصح شيء من تصرفه ولا إقراراته. ولم يتقدّم للروح ذكر اكتفاء بدلالة السياق، الحلقوم: مجرى النفس لفلان: المراد منه في الأولى والثانية الموصي له أي أوصيت لفلان بكذا ولفلان بكذا. وفي الأخيرة للوارث أي وقد صار المال للوارث. أو أنها في الأوليين للموصى له وفي الثالثة للمقرّ له أي وكان علي لفلان كذا دينا.
الشرح:
كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يتحرون أفضل أنواع الطاعات وأعظمها عند الله أجرا؛ ولا يأبون أن يسألوا الرسول عنها ليتقربوا بها إلى الله، وينالوا الدرجات العلا.
فسأله أحدهم عن أكثر الصدقات أجرا، فقال له عليه الصلاة والسلام: أن تتصدّق وأنت صحيح الجسم معافى في بدنك لم ينقطع أملك من الحياة، ولم تقف بك القدم على حافة القبر، إذ المرض يقصر يد المالك عن ملكه، وسخاوته بالمال إذ ذاك لا تمحو عنه سمة البخل ولا تدل على طيب نفسه بالعطاء لأنه يكون قد مل
(1) تلوكها: لاكها لوكا: أدارها في فمه.
(2) رواه البخاري في كتاب: الزكاة، باب: فضل صدقة الشحيح الصحيح (1419) .