يعمل» ، [رواه البخاري والنسائي [1] ] ، وفي رواية للشيخين [2] : «لا حسد إلّا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلّطه على هلكته في الحقّ، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يفضي بها ويعلّمها» .
اللغة:
الحسد: أن يرى المرء نعمة على أخيه فيتمنى زوالها عنه إليه أو إلى غيره. وقد يضيف إلى التمني السعي في زوالها. والغبطة: أن يتمنى مثلها ولا يتمنى زوالها عن أخيه، والتلاوة: القراءة؛ ولا تكاد تستعمل إلا في قراءة كلام الله تعالى.
والأصل لمعنى «ت ل و» اتبع؛ ولذلك قيل لولد الشاة والناقة «تلو» إذا فطم وصار يتبع أمه، وكل ما يتبع غيره في شيء يقال هو تلوه، وسميت قراءة القرآن تلاوة لأنه مثاني كلما قرىء منه شيء يتبع بقراءة غيره أو بإعادته؛ أو لأن شأنه أن يقرأ ليتبع بالاهتداء والعمل به، بل فسرت تلاوة القرآن باتباعه والعمل به، والآناء: الساعات، الواحد أنى مثلت الهمزة والتسليط التمكين من القهر والإخضاع. والهلكة: الإهلاك.
والحكمة: إصابة الحق بالعلم والعمل. وبعبارة أخرى: وضع الأشياء مواضعها.
ولذلك قيل لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها حكيم، والمراد بالحكمة هنا القرآن بدليل الرواية الآخرى. والقرآن مبيّن للحق، مؤت للحكمة.
الشرح:
الحسد رذيلة ممقوتة. لأنه كراهية الخير للناس، وتمني زوال النعم عنهم، ولا يتخلق به إلا ذوو النفوس الخبيثة، والقلوب الأثيمة. التي مات فيها داعي الخير، وحي مكانه باعث الشر. فإن انضم إلى ذلك السعي في زوال النعم بوشاية أو عمل تضاعف المقت. وتزايد الفحش.
وقد نهى الله عنه بقوله: وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ [3] ، وأمر بالتعوذ منه في سورة الفلق وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ [4] . [1] رواه البخاري في كتاب: فضائل القرآن، باب: اغتباط صاحب القرآن (5026) . [2] رواه البخاري في كتاب: العلم، باب: الاغتباط في العلم والحكمة (73) . ورواه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه وفضل من تعلم حكمة ... (1893) . [3] سورة النساء، الآية: 32. [4] سورة الفلق، الآية: 5.