تدليس ونفاق، وألا ندعوا معه غيره. أو نقدم إليه القرابين أو نسوق النذور. أو نتخذه وسيلة إليه. فإن كل ذلك شرك ينافي مقام التوحيد ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا عن حق العباد على الله، وما وعدهم به؛ وكتبه لهم على نفسه؛ إذا هم عبدوه حق عبادته وأخلصوا له الدّين. وأسلموا الوجوه، وعمّروا القلوب بتوحيده، وطهروها من دنس الإشراك. فقال له مثل مقالته الأولى: الله ورسوله أعلم. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: حق العباد على الله ألا يعذبهم. وكيف يعذب من توفر [1] على طاعته، وكان عبده السميع، تقرع أذنه آي الوحي فإذا به قد مثلها في عمله، وأظهرها في خلقه، ويسمع هدى الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا به قد اتخذه إماما وقدوة: وهاديا وأسوة؛ كيف يعذب ذا النفس العالية.
الطاهرة النقية، التي لا يرى فيها إلا بياض التوحيد ونوره، ليس بها نكتة [2] من دنس أو شرك، بل كيف لا يسبغ نعمته، ويدخل جنته عباده المقربين، وجنده المخلصين، وهو البّر الرحيم؛ وأكرم الأكرمين وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى [3] .
73- باب: نذر الطاعة ونذر المعصية
عن عائشة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» . [رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه [4] ] .
النذر:
أن توجب على نفسك ما ليس بواجب لحدوث أمر، كأن تنذر صدقة أو اعتكافا، أو تهجدا إذا رزقت ولدا، أو بلغت أملا. وفي هذا الحديث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عن نذر طاعة الله أن يطيعه ونهى من نذر معصيته أن يعصيه. فنذر الطاعة يجب الوفاء [1] توفر: عكف. [2] نكته: العلامة الخفية. [3] سورة النازعات، الآيتان: 40، 41. [4] رواه البخاري في كتاب: الأيمان والنذور، باب: النذور في الطاعة (6696) . ورواه النسائي في كتاب: الأيمان والنذور، باب: النذر في الطاعة (3815) . ورواه أبو داود في كتاب: الأيمان والنذور، باب: ما جاء في النذر في المعصية (3289) . ورواه الترمذي في كتاب: النذور والأيمان، باب: من نذر أن يطيع الله فليطعه (1526) . ورواه ابن ماجة في كتاب: الكفارات، باب: النذر في المعصية (2126) .