ثانيا: الماشي يسلّم على القاعد
لأن السلام تحية الوارد عرفا [1] ووضعا.
والوارد هنا هو الماشي. ثم إن القاعد قد يتوقع الشر من القادم عليه. فإذا بدأه بالسلام أزال الخوف عنه. وحكمة ثالثة: أن القاعد قد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم: فسقطت البداءة عنه دفعا للمشقة.
وثالثا: القليل يسلم على الكثير
. ولعل الحكمة في ذلك أنه إذا بدأ الكثير بالسلام على القليل خيف على هذا أن يداخله شيء من الكبر لسلام الكثير عليه. ومن جهة أخرى العدد القليل أسرع مشيا من الجمع الكثير في الغالب. فكان كالوارد عليه والسلام تحية الوارد. ومن جهة ثالثة بدء القليل أيسر كلفة فكان أولى.
هذا وقد ذكر بعض العلماء أن من مشي في الشوارع المطروقة كالسوق لا يسلم إلا على بعض من يلقاه. لأنه لو سلم على كلهم تشاغل على قضاء مهمته. التي خرج لأجلها وخرج عن العرف المألوف. والمؤمن حكيم يلبس لكل حال لبوسها.
66- باب: في استعمال الذهب والفضة والحرير، وإبرار القسم إلخ
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا باتّباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الدّاعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم أو المقسم، وردّ السّلام» . في رواية «وإفشاء السّلام بدل ردّه وتشميت العاطس؛ ونهانا عن آنية الفضّة، وخاتم الذّهب، والحرير، والدّيباج، والقسّي والإستبرق، والميثرة الحمراء» . [رواه البخاري في جملة أبواب من صحيحه. ورواه مسلم في كتاب اللباس والزينة. ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه [2] وغيرهم.] [1] العرف: ما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم. [2] رواه البخاري في كتاب: الاستئذان، باب: إفشاء السلام (6235) . ورواه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على-