64- باب: التشهير بالغادر
عن عبد الله بن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان ابن فلان» . [رواه الشيخان [1] ] .
اللغة:
الغدر: الإخلال بالشيء وتركه. ويقال: لترك العهد وعدم الوفاء به.
واللواء: العلم والراية. ولا يمسكها إلا صاحب الجيش.
الشرح:
قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [2] ، وقال: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا [3] ، وقال: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ [4] .
المؤمن صادق القول، وفي العهد، ليس الغدر من شيمته لأنه يخل بنظام الحياة، ويفسد على المرء تدبيره لمصلحته؛ وهو ضرب [5] من الكذب. والكذب رأس النفاق. وإضرار بمن عاهده. ولا ضرر ولا ضرار.
وقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الغادر يشهر به على رؤوس الأشهاد يوم القيامة حيث العالم كله مجتمع، فينصب له لواء، ويرفع له علم في الموقف بحيث تراه العيون. ويقال: هذه غدرة فلان بن فلان؛ تشنيعا [6] عليه وتقبيحا وتوبيخا له وتعذيبا؛ وتصور أنك في حفلة جامعة. وأنك بين يدي مليك؛ ثم نادى مناد هذا فلان المجرم؛ هذا الذي غدر؛ هذا الذي كذب؛ ألا تكاد تصعق [7] من هذه النسبة، فإن كانت كاذبة فما بالك بها وإن كانت صادقة؟ فإذا كان هذا هو الأثر في مجتمعاتنا [1] رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ما يدعى الناس بأبائهم (6177) . ورواه مسلم في كتاب: الجهاد، باب: تحريم الغدر (4504) . [2] سورة المائدة، الآية: 1. [3] سورة الإسراء، الآية: 34. [4] سورة النحل، الآية: 91. [5] ضرب: صنف ونوع. [6] تشنيعا: شنع فلانا: عابه وفضحه. [7] تصعق: صعق الرجل: غشي عليه وهلك.