وقيل: خوف الذم بنسبة الشر إليه، وقال الزمخشري: هو تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يعاب به ويذم، واشتقاقه من الحياة يقال حي الرجل كما يقال:
نسي وحشي وشظي الفرس إذا اعتلّت هذه الأعضاء- النساء وهو عرق، والحشى وهو ما دون الحجاب مما في البطن؛ والشظى وهو عظم مستدق لازق بالركبة أو بالذراع أو عصب صغار فيه- جعل الحي لما يعتريه من الانكسار والتغير متنكس القوة، منتقص الحياة كما يقال: هلك فلان حياء من كذا، ومات حياء، ورأيت الهلال في وجهه من شدة الحياء، وذاب حياء وجمد في مكانه خجلا.
وقال الراغب: الحياء انقباض النفس عن القبيح وهو من خصائص الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي. فلا يكون كالبهيمة، وهو مركب من جبن وعفة فلذلك لا يكون المستحيي فاسقا. وقلما يكون الشجاع مستحيا. وقد يكون لمطلق الانقباض كما في بعض الصبيان. اه.
الشرح:
إذا كان الحياء تغيرا نفسيا، وخلقا باطنيا. يحول بين المرء والقبائح أو يمنعه من عمل ما يعاب به ويذم. أو ينقد عليه ويعنف- كان لا شك خلقا محمودا.
لا ينتج إلا خيرا. فالذي يمر بخياله فعل الفاحشة. فيمنعه حياؤه من اجتراحها [1] أو يسبه شخص فيمنعه الحياء من مقابلة السيئة بمثلها، أو يسأله سائل، فيحول حياؤه دون حرمانه، أو تقابله فتاة جميلة فيغض الحياء بصره. أو يستبرئه مدين معسر من دينه، فيأبى عليه حياؤه إلا الإبراء. أو يضمه مجلس، فيمسك الحياء بلسانه عن الكلام فيما لا يعنيه، أو الخوض فيما لا يجيده والذي يكون للحياء في نفسه هذه الآثار الحسنة. والأعمال الطيبة ذو خلق محمود. وفي حديث عبد الله بن عمر عند البخاري: «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه، فإن الحياء من الإيمان» [2] ، وأعلى درجات الحياء ما كان ناشئا عن الشعور برقابة الله. وعظم حقه عليه. فإن هذا يقيم المرء على صراط الحق. لا يلتوي عنه يمنة أو يسرة.
وفي حديث عبد الله بن مسعود عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «استحيوا من الله [1] اجتراحها: ارتكابها. [2] رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: الحياء (6118) .