وقعت في شيء منها فبادر إلى التوبة، وحذار العودة والتكرار، فتكون من الهالكين، وكتابة الله- متعود الكذب كذابا تدوين ذلك في صحيفته السوداء، وحسبانه من حزب الكاذبين المنافقين، والتشهير به في الملأ الأعلى، وإلهام النفوس أن تمجه وتحتقره، وتزدريه [1] وتمقته [2] ، فإذا به بين الناس الطريد المهين، الكريه البغيض.
فالتزم أخي نهج الصدق لتكون الصديق ذا المكانة العالية بين الناس، والدرجة الرفيعة عند الله، ولا تغش الكذب حتى لا تكون الفاجر الأثيم، والكذاب المهين واجعل صحيفتك بيضاء نقية، ومكانتك في المقربين عليّة.
60- باب: ضبط النفس
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الشّديد بالصّرعة، إنّما الشّديد الّذي يملك نفسه عند الغضب» . [رواه البخاري ومسلم وأبو داود [3] ] .
اللغة:
الصرعة: المبالغ في الصراع الذي لا يغلب، فهو صيغة مبالغة من الصرع؛ وهو الطرح على الأرض.
الشرح:
بين الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث أن الشديد ليس الذي يصرع الناس ولا يصرعونه، ويطرحهم على الأرض ولا يطرحونه، وإنما الشديد حقا الذي يملك نفسه عند ثوران الغضب، فيقهرها بحلمه، ويصرعها بثباته، ولا يمكنها من أن تسترسل مع تيار الغضب، فتشتم وتسب، وتضرب وتقتل، وتخرج عن سنن الاعتدال في أقوالها وأفعالها، تلبية لداعي الانتقام ممن أثار حفيظتها، وإنما كان الشديد بحق من ملك نفسه عند الغضب لأن النفس الأمارة بالسوء شر خصوم الإنسان، وأعدى أعدائه لأنها [1] تزدريه: تحقّره وتعيبه. [2] تمقته: تبغضه أشد البغض. [3] رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: الحذر من الغضب (6114) . ورواه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: فضل من يملك نفسه عند الغضب ... (6586) . ورواه أبو داود في كتاب، الأدب باب: من كظم غيظا (4779) بنحوه.