وثانيتها: الصلاة
، وهي دعاء وابتهال، وخشوع وامتثال، توثق صلة العبد بربه، فيفيض عليه من خيره، وتطهر نفسه من التكالب على أعراض هذه الحياة وتعوّده الإخلاص والابتعاد من النفاق؛ تبعث في جسمه النشاط بما يقوم به من حركات؛ وتمرنه على النظام؛ وأداء الأمور في مواعيدها المضروبة، يقرأ فيها القرآن وقلبه خاشع، وذهنه حاضر، فيتعلم من علومه ويهتدي بهداه؛ وتصفو نفسه؛ ويستنير عقله لهذا كانت عنصرا أساسيا في بناء الإسلام.
وثالثتها: الزكاة:
وهي قليل من مالك؛ الزائد عن حاجتك؛ تخرجه للفقراء والمساكين؛ وتحرّر به رقاب الأسرى العانين؛ وتعين به الغارمين [1] المدينين؛ وتقوي به صرح هذا الدين؛ فتكون بذلك قد رفعت البؤس عن البائسين، فيحبونك؛ ويجلّونك ويحافظون على حياتك ومالك، محافظتهم على رأس المال، إذ كنت مصدر رزقهم، ومحط آمالهم، وتكون بذلك خدمت دينك خدمة قيمة إذ جاهدت في سبيله بمالك، وخدمت نفسك بتطهيرها من رذيلة البخل والشح، وتعويدها الخير، ورفع مقامها بين الخلق.
ورابعتها: صوم رمضان:
يطهر معدتك مما علق بها من بقايا الطعام؛ ويريحها من العمل عدة أيام، وينمي في نفسك الشعور بحال الفقير والمسكين، إذ به تذوق ألم الجوع والظمأ، فتذكر إخوانا لك بائسين؛ تذكرهم بمعونتك وبرّك ويزكي فيك روح التفكير، إذ البطنة تذهب بالفطنة؛ ويذكرك في كل لحظة بإله هو رب نعمتك؛ فترطب بذكره لسانك؛ وتقرأ من القرآن ما بدا لك، إلى غير ذلك من حكمه وأسراره.
وخامستها: حج البيت:
فتذهب إلى مكة البلد الأمين؛ الذي نشأ فيه سيد العالمين، ونبت فيه هذا الدين، وترى أول بيت وضع للناس؛ وتقوم بأعمال مختلفة كلها قربات؛ من طواف وصلاة وسعي ووقوف بعرفات؛ وذكر وتهليل وتلبية وتكبير، وذبح قرابين وتصدق على الفقراء والمساكين؛ فتهذب نفسك بالسفر؛ وتذكر النشأة الأولى للإسلام الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [2] ، وتجتمع بإخوانك المسلمين، الذين [1] المغرم: المثقل بالدّين. [2] سورة الذاريات، الآية: 55.