وقد استنبط جمهور الفقهاء من الحديث تقديم الأم على الأب في النفقة إذا كان مال الولد لا يتسع إلا لواحد منهما.
وقيل: إنهما سواء. وهو مروي عن مالك والشافعي.
42- باب: سب الرجل والديه
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ من أكبر الكبائر أن يلعن الرّجل والديه» ، قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرّجل والديه؟ قال: «يسبّ الرّجل أبا الرّجل فيسبّ أباه، ويسبّ أمّه» . [رواه البخاري ومسلم [1] ] .
اللغة:
اللعن من الله: الطرد والإبعاد على سبيل السخط. ومن الناس: السب والدعاء. والسب الشتم الوجيع.
الشرح:
من الذنوب ما ضرره عظيم. وسوء أثره في المجتمع كبير كالقتل والزنى وشرب الخمر والسرقة وشهادة الزور وقطيعة الرحم وأكل مال اليتيم. وهذا النوع يسمى بالكبائر لكبر المفسدة فيه، وللوعيد الشديد عليه ولهذا النوع درجات بحسب الضرر الذي فيه، فكلما كانت دائرته أوسع كان في الكبر أدخل.
فكتمان الشهادة كبيرة؛ ولكن أكبر منه الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان من الذنوب ضرره يسيرا يسمى بالصغائر. كعبوسة الوجه، وهز الرأس احتقارا، والحديث يبين أن سب الرجل أبويه من أكبر الكبائر. وأعظم الذنوب. لأنه الإساءة في موضع الإحسان، والإثم الكبير مكان البر العظيم، والشتم الذميم عوض القول الكريم، وهل هو إلا كفر بنعمة التربية منهما، وغمط [2] لحقوقهما، ودناءة نفس، وخسة [3] طبع، وهل يرجى من شخص يسيء إلى أبويه اللذين ربياه صغيرا أن يحسن إلى أحد من [1] رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: لا يسب الرجل والديه (5973) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها (259) . [2] غمط: غمط الحق: أنكره وهو يعلمه. [3] خسّة: خسّ الرجل، خسة وخساسة: حقر.