عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عطاء بْن حسن بْن عطاء بْن جبير بْن جابر بْن وهيب الأذرعي الحنفي أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْد اللَّه
أحد الأئمة المشهورين، والقضاة المشكورين، رفيع القدر، حسن الهيئة، وافر الديانة، عالي الإسناد، قوال بالحق، كَانَ يدرس بالمدرسة المعظمية، ويباشر نيابة القضاء بدمشق مدة، ثم أنه ولي القضاء مستقلا للحنفية فِي جمادى الأولى سنة أربع وَسِتِّينَ وست مائة، واستمر عَلَى ذلك إِلَى أن تُوُفِّيَ يوم الجمعة قبل الصلاة تاسع جمادى الأولى سنة ثلاث وَسَبْعِينَ وست مائة، ودفن بسفح قاسيون بقرب المدرسة المعظمية من يومه المذكور، وَكَانَ مولده فِي سنة خمس وَتِسْعِينَ وخمس مائة.
سَمِعَ من حَنْبَل الرصافي، وأبي حفص بْن طبرزد، وحدث بالكثير، ولما وضعت الأملاك، واحتيط عَلَى البساتين فِي الدولة الظاهرية حضر السلطان بدار العدل، وجرى الكلام فِي ذلك، فتكلم شيخنا هَذَا من بين الجماعة الحاضرين، وَقَالَ: اليد لأرباب الأملاك، ولا يحل لأحد أن ينازعهم فِي أملاكهم، ومن استحل مَا حرم اللَّه فقد كفر.
فغضب السلطان غضبا شديدا وتغير لونه، وَقَالَ: أنا أكفر؟ وجعل بعض أرباب الدولة يسكن غضبه، ويقول القاضي: إنما أشار بالتكفير إِلَى من أفتى السلطان بذلك، وَكَانَ الَّذِي حمله عَلَى ذلك مخافة اللَّه وخشيته، وألقى اللَّه عَلَى خاطره فِي ذلك الوقت قوله تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] .
وكانت العقبى إِلَى سلامة وخير، وصارت لَهُ منزلة عند السلطان، وعلم دينه وصدقه فِي المقالة.