بسم الله الرحمن الرحيم رب أنعم بالخير الحمد لله ذي الجلال والجمال والكبرياء والكمال الجسيم النوال الشديد المحال المتطول بالطول والأفضال المتكلم بقوله تعالى: {لا إله إلا هو الكبير المتعال} ، القادر على تقدير الآمال والآجال من غير انتحار سم واحتذاء مثال، العالم بما كان وما يكون وما لم يكن من غير ملال، الحي الذي لم يزل ولا يزال، المريد بما قضى به وقدر للسعيد من الرحيق والسلسال وللشقي من السلاسل والأغلال، السميع بأنين المذنبين في تقلب الأحوال، البصير بدبيب النملة السوداء في حنادس الليالي، خضعت لعظمته رقاب الأكاسرة الأقبال، وذلت لعزته جباه الجبابرة الأبطال حمدا يتجدد من إذا عسعس الليل في الإدبال وتنفس الصبح في الإقبال، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي يَسْجُدُ لَهُ {مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} .
وأشهد أن محمدا عبده الصادق في المقال ورسوله المنقذ من الضلال، والسلام على آله البررة الكرام خير الآل المنتخبين لبذل النفوس والأموال.
أما بعد فإن الكلمات الشريفة النبوية والإشارات اللطيفة المصطفوية مما يسعى له الأحرار والعبيد ويقبل عليه المقبل السعيد لطفة المطالع بأمة المقاطع، ألفاظها جزلة رشيقة ومعانيها فائقة دقيقة، سلمت من وحشة الغرابة، وخلصت من هجنة الرذالة، جمعت إلى المسائة الحلاوة وأضافت إلى الفصاحة الطلاوة، وجدير ذلك فإنها شرح مشكاة الرسالة وشعشعة مصابيح الهداية مع ما حازت من معاقد الأحكام ومقاعد الحلال والحرام.
ولقد كنت جمعت أربعين حديثا من غير إسناد في فضائل ذكر رب العالمين سميتها مطار الفكر في إظهار الذكر، فطالبني بعض القادة من العلماء والفحول من الفضلاء وناهيك جمع بالله يتقون وعليه يتوكلون وفيه يتحابون، ومنهم الإمام البحر ابن قدوة الأفاضل سيد المحققين مجد الملة والدين أبو محمود بن ميمون بن محمود جعله الله تعالى وإياهم من العلماء الأخيار وحصنهم بمشارب الأبرار ورواهم من مناهل المقربين الأحرار بإسنادها فرأيت أن أجدد العزم وآخذ بالجزم فخرجت هذا الأربعين في فضائل ذكر رب العالمين وسميته وسائل المولى وسائل المولى في ذكر المولى.
صدر الأربعين