192 - قال إبراهيم بن الجنيد: وقد أوجب الله تعالى لأهل محبته الصنع والتوفيق في جميع أحوالهم، فأورثهم الغنى وسد عنهم طلب الحاجات إلى الخلق، تأتيهم ألطافٌ من الله من حيث لا يحتسبون، وقام لهم بما يكتفون، ونزه أنفسهم عما سوى ذلك، إكراماً لهم عن فضول الدنيا، وطهارة لقلوبهم من كل دنس، وأمشاهم في طرقات الدنيا طيبين، قد رفع أبصار قلوبهم إليه، فهم ينظرون إليه بتلك القلوب غير محجوبة عنه.
193 - حدثني صالح بن عبد الله الترمذي قال: قال سفيان بن عامر رجل من العرب عن عمرو عن الحسن أنه كان يقول: إن المؤمن حبيب ربه، أحب ربه فأحبه ربه، وغضب لربه فغضب له ربه. فإياكم وأذى المؤمن، فإن الله تعالى مؤذ من آذاه. وتلا هذه الآية: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}.
194 - قال إبراهيم: وفي مثله يقول الشاعر:
وفتى عرف من يعبده ... فسما القلب إليه وعلم
إن حب الله أعلى منزلا ... فأدام الفكر فيه وفهم
إن للحب سبيلاً واضحاً ... ومراداً دونه قطع الهمم
من مراد الناس أو مدحهم ... أو مراد العز فيهم والكرم
-[82]-
ومنال القدر منهم ذلة ... ليس غير البعد عنهم والعدم
قد براه الحب والشوق معاً ... وأذاب الجسم منه فانهدم
ذاهب الذهن كئيب موجع ... لو تراه خلت بالعبد صمم