فنظر إليها ثم تركها وأنشأ يقول:
فلولا قعود الدهر عنك لم يكن ... يفرقنا شيءٌ سوى الموت فاعذري
أروح بحزن من فراقك موجعاً ... أناجي به قلباً كثير التفكر
عليك سلامٌ لا زيارة بيننا ... ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر
فقال عمر بن عبيد الله بن معمر: فقد شئت، فخذها والمال لك فانصرف ومعه الجارية، ومائة ألف درهم، وعاد إلى السرور. فقال عمر بن عبيد الله بن معمر: والله لا يشترى بمائة ألف درهم مكرمة فوق هذه أن يجمع الإنسان بين متحابين حلالاً ويخلصهما من غمة الفراق.
ومن الفتوة أن يبدأ الرجل بالعطاء قبل السؤال فإنه إذا أعطى بعد السؤال كان ثمناً لماء وجهه، والكريم لا يستبدل وجوه إخوانه. أخبرنا أبو عبد الله بن بطة، حدثنا الحسن بن محمد بن الحسن بالكوفة، حدثنا محمد بن المرزبان، حدثنا عبد الرحمن بن محمد، حدثنا محمد بن صالح القرشي، حدثنا أبو اليقظان، حدثني أبو عمرو المديني، عن الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، قال: قال عبيد الله بن عباس لابن أخيه: إن أفضل العطية ما أعطيت الرجل قبل المسألة، فإذا سألك فإنما تعطيه ثمن وجهه حين بذله لك، وأنشدت في هذا المعنى: