77- أخبرنا محمود، قال: أنا عبد الله، قال: أنا الحسن، قال: أنا أبو الحسن قال: قال يعقوب بن داود:
استشهد نافع بن غيلان بن سلمة الثقفي مع خالد بن الوليد بدومة الجندل، فجزع عليه أبوه، فبكاه، وقال:
ما بال عيني لا تغمض ساعةً ... إلا اعترتني عبرةٌ تغشاني
أرعى نجوم الليل عند طلوعها ... وهناً وهن من الغوار دوان
يا نافعاً من للبوارم إذ ثووا ... في مرج دومة أو ليوم ليان
يا نافعاً من للفوارس احجمت ... عن شدةٍ مذكورةٍ وطعان
فلو استطيع جعلت مني نافعاً ... بين اللهاة وبين عكد لساني
وكثر بكاؤه عليه، فعوتب، فقال: دعوني أبكي ما أسعدتني عيني، فإنها ستنفذ دموعها، كما يلي نافعٌ.
فقيل له بعد ذلك أين دموعك يا غيلان؟ قال: لكل شيءٍ بلى.
78- أخبرنا محمود، قال: أنا عبد الله، قال: أنا الحسن، قال: أنا -[62]- أبو الحسن قال: قال إبراهيم بن يزيد الأسيدي، قال:
مرض الحجاج، فأرجف به الناس، ثم أفاق، فخطبهم، فقال: إن أهل العراق أهل تجرمٍ ونفاقٍ، قد نفخ الشيطان في مناخرهم، فقالوا: قد مات الحجاج، ومات الحجاج فمه؟ والله، ما أحب أني لا أموت؛ وهل أرجو الخير كله إلا بعد الموت؟ والله ما رضي الله البقاء إلا لأهون خلقه عليه إبليس، فأنظره إلى يوم البعث.
أيها الرجل -وكلكم ذلك الرجل- يوشك الجديد أن يكون منا ومنكم أن يبلى، والحي منا ومنكم أن يموت، فينقل الرجل في أثواب طهره إلى ضيق قبره، فتأكل الأرض لحمه، وشعره، وبشره، وتمص دمه وصديده؛ كما مشى على ظهرها، وأكل من ثمارها، ثم يؤخذ جزوراً لما يكون فيها، ويرجع الحبيبان: حبيبه من ولده، وحبيبه من أهله، فيقتسمان حبيبه من ماله؛ أما إني أقول: إن الذين يعلون ليعلمون ما أقول.