في ((سننه)) ، وأبو عيسى الترمذي في ((جامعه)) ، ما هو من شرط كتابيهما، وهما من أئمة هذا العلم، وكتبه تدل على معرفته بهذا الشأن أعني علم الحديث، فقد تكلم على الرجال بالتصحيح والتسقيم بما يحقق ما ذكرناه، ولم يزل العلماء الماضون يقولون: أصحاب الحديث مالك، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي: أبو حنيفة، وأهل الكوفة، ومن ظن بالشافعي قصوراً في هذا الفن لم يعرف الشافعي حق معرفته، وكيف يكون ذلك كذلك وإنما بنى مذهبه على تقديم الحديث على الرأي، والبحث عن صحيحه وسقيمه، والكلام على رجاله، حتى لقد روينا عنه بالإسناد أنه قال لأصحابه: إذا وجدتم حديثاً صحيحاً مكياً، أو مدنياً، أو عراقياً، أو شامياً، أو مصرياً على خلاف مذهبي فخذوا به ودعوا مذهبي. وهو القائل لمن سأله عن حديث صحيح: أتأخذ به يا أبا عبد الله؟ فقال: متى صح الحديث ولم آخذ به فاشهدوا أن عقلي قد اختل. ونقل عنه أنه كان إذا قيل له مثل هذا القول أيضاً فيما صح من الأخبار: أتقول به؟ يقول: إي والله، أقول به على الرأس والعين.
وقد صنف وأملى، وحدث وروى، وأماليه تشهد بنظره في الأسانيد ومعرفة الرجال، وهل زاد على أصحاب الحديث المحققين بنقله إلا البحث عن معاني الأخبار وأجرى الفروع على الأصول، وتلك فضيلةٌ زائدةٌ وفائدةٌ على الشريعة عائدةٌ، بل هي ثمرة النظر في السقيم والصحيح والتعديل والتجريح، وقد شاركه في ذلك أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمهما الله وإن