نام کتاب : مسند أحمد - ط الرسالة نویسنده : أحمد بن حنبل جلد : 12 صفحه : 345
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ويتوهم أن فلج آدم في الحجة على موسى إنما كان من هذا الوجه، وليس الأمر في ذلك على ما يتوهمونه، وإنما معناه الإخبار عن تقدم علم الله سبحانه بما يكون من أفعال العباد وأكسابهم وصدورها عن تقدير منه، وخلق لها خيرها وشرها.
والقدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر كما الهدم والقبض والنشر أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قدرت الشيء وقدرت خفيفة وثقيلة بمعنى واحد.
والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله عز وجل: (فقضاهن سبع سماوات في يومين) ، أي: خلقهن، وإذا كان الأمر كذلك، فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم، ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إياها عن قصد وتعمد وتقديم إرادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليها. وجماع القول في هذا الباب أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس، والآخر بمنزلة البناء، فمن رام الفصل بينهما، فقد رام هدم البناء ونقضه، وإنما كان موضع الحجة لآدم على موسى صلوات الله عليهما أن الله سبحانه إذا كان قد علم من آدم أنه يتناول الشجرة، ويأكل منها، فكيف يمكنه أن يرد علم الله فيه، وأن يبطله بعد ذلك؟ وييان هذا في قول الله سبحانه: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) فأخبر قبل كون آدم أنه إنما خلقه للأرض، وأنه لا يتركه في الجنة حتى ينقله عنها إليها، وإنما كان تناوله الشجرة سببا لوقوعه إلى الأرض التي خلق لها، وللكون فيها خليفة، وواليا على من فيها، فإنما أدلى آدم عليه السلام بالحجة على هذا المعنى، ودفع لائمة موسى عن نفسه على هذا الوجه، ولذلك قال: أتلومني على أمر قدره الله على قبل أن يخلقني؟ فإن قيل: فعلى هذا يجب أن يسقط عنه اللوم أصلا، قيل: اللوم ساقط من قبل موسى، إذ ليس لأحد أن يعير أحدا بذنب كان منه، لأن الخلق كلهم تحت العبودية أكفاء سواء، ولكن اللوم لازم لآدم من قبل الله سبحانه إذ كان قد أمره ونهاه، فخرج إلى معصيته، وباشر المنهي
عنه، ولله الحجة البالغة سبحانه لا شريك له.=
نام کتاب : مسند أحمد - ط الرسالة نویسنده : أحمد بن حنبل جلد : 12 صفحه : 345