responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شعب الإيمان نویسنده : البيهقي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 471
294 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْوَكِيلُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حدثنا الْأَصْمَعِيُّ -[472]- قَالَ: جَاءَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ إِلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَمْرٍو، اللهُ يَخْلُفُ وَعْدَهُ؟ قَالَ:" §لَنْ يَخْلُفَ اللهُ وَعْدَهُ". قَالَ عَمْرٌو: فَقَدْ قَالَ: قَالَ:" أَيْنَ؟ " فَذَكَرَ آيَةَ وَعِيدٍ لَمْ يَحْفَظْهَا أبو عَمْرٌو فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو:" مِنَ الْعُجْمَةِ أُتِيتَ الْوَعْدُ غَيْرُ الْإِيعَادِ" ثُمَّ أَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو:
[البحر الطويل]
وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوٍ وَعَدْتُهُ ... سَأُخْلِفُ إِيعَادِي، وَأُنْجِزُ مَوْعِدِي
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:" فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ اللهُ تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 14] قِيلَ: هَكَذَا نَقُولُ الْحُدُودُ اسْمُ جَمْعٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا لِحُدُودِ اللهِ تَعَالَى أَجْمَعَ بِتَرْكِ الْإِيمَانِ، وَتَارِكُ الْإِيمَانِ مُخَلَّدُ فِي النَّارِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ، وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} [الانفطار: 15] قِيلَ: وَقَدْ قَالَ: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13]، وَالْفَاسِقُ الْمُؤْمِنُ بَرٌّ بِإِيمَانِهِ، فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ بَرًّا مُطْلَقًا قِيلَ: وَكَذَلِكَ لَيْسَ بِفَاجِرٍ مُطْلَقًا، فَإِنْ قِيلَ: فُجُورُهُ أَحْبَطَ إِيمَانَهُ قِيلَ: لَيْسَ الْفَصْلُ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ، وَبَيْنَ مَنْ يَقُولُ: مِنَ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ إِيمَانَهُ أَحْبَطَ فُجُورَهُ، فَدَلَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْفُجَّارِ الَّذِينَ قَابَلَ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ الْأَبْرَارِ الْكُفَّارِ لِأَنَّ رَأْسَ الْبِرِّ الْإِيمَانُ، وَكَذَلِكَ رَأْسُ الْفُجُورِ الْكُفْرُ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30]، -[473]- وَقَوْلُهُ: {لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامَلٍ مِنْكُمْ} [آل عمران: 195]، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا، وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]، وَقَوْلُهُ: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30]، وَقَوْلُهُ: {فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: 7]، وَقَوْلُهُ: {وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ} [التوبة: 72]، وَقَوْلُهُ: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] فَهَذِهِ الْآيَاتُ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، وَأَحْسَنُ الْأَعْمَالِ الْإِيمَانُ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، وَمَنْ قَالَ بِتَخْلِيدِ الْمُؤْمِنِ فِي النَّارِ كَانَ قَدْ أَضَاعَ أَجْرَ عَمَلِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَضًا، وَلِأَنَّا وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَ عَلَى الطَّاعَاتِ ثَوَابًا، وَعَلَى الْمَعَاصِي عِقَابًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ يَرَى مَا عَمِلَ مِنَ الْمَعَاصِي دُونَ مَا عَمِلَ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَقَدْ عَمِلَهُمَا جَمِيعًا إِلَّا وَلِآخَرَ أَنْ يَعْكِسَ ذَلِكَ فَلَا يَجِدُ الْقَائِلُ بِذَلِكَ فَضْلًا، وَلِأَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى حُصُولِ طَاعَاتِهِ، وَاخْتَلَفْنَا فِي زَوَالِ حُكْمِهَا فَلَا يُرْفَعُ حُكْمُ مَا تَيَقَّنَّاهُ مِنْ حُصُولِ الطَّاعَاتِ بِمَعْصِيَةٍ لَا تَنْفِيهَا، وَلَا تُضَادَّهَا فَإِنِ احْتَجُّوا فِي إِبْطَالِ الشَّفَاعَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ، وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18]-[474]- فالظَّالِمُونَ هَهُنَا هُمُ الْكَافِرُونَ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مُفْتَتَحُ الْآيَةِ إِذْ هِيَ فِي ذِكْرِ الْكَافِرِينَ، فَإِنِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] قِيلَ: هَذَا دَلِيلُنَا لِأَنَّ الْفَاسِقَ مُرْتَضًى بِإِيمَانِهِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] وَاصْطَفَيْنَا وَارْتَضَيْنَا وَاحِدٌ فِي اللِّسَانِ، ثُمَّ قَالَ: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فاطر: 32] أَيْ مِنَ الْمُصْطَفِينَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، وَالظُّلْمُ هُوَ الْفِسْقُ فَأَخْبَرَ أَنَّ فِيهِمْ ظَالِمًا، وَقَالَ فِي قِصَّةِ يُونُسَ {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] الآية قَالَ: كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ فِي الْجُزْءِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْبَعْثِ مَذْكُورٌ بِشَوَاهِدِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ كَمَا قَالَ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] " قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:" وَلَا تَحْتَمِلُ الْآيَةُ غَيْرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرْتَضِينَ عِنْدَ اللهِ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى شَفَاعَةِ مَلَكٍ، وَلَا نَبِيٍّ فَصَحَّ أَنَّ الْمَعْنَى مَا قُلْنَاهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللهَ لَا يَرْتَضِي أَنْ يُشَفِّعَ لِصَاحِبِ الْكَبِيرَةِ لِأَنَّ الْمُذْنِبَ هو الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى الشَّفَاعَةِ، فَكُلَّمَا كَانَ ذَنْبُهُ أَكْبَرَ كَانَ إِلَى الشَّفَاعَةِ أَحْوَجَ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اشْتِدَادُ حَاجَتِهِ إِلَى الشَّفَاعَةِ حَائِلًا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَلَيْسَ امْتِنَاعُ الشَّفَاعَةِ لِلْكَافِرِينَ لِأَنَّ ذَنْبَهُ كَبِيرٌ، وَلَكِنَّهُ بِجَحْدِهِ الْبَارِي الْمَشْفُوعَ إِلَيْهِ، أَوِ الرَّسُولَ الشَّافِعَ لَهُ، أَوْ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ -[475]- لَا يُشَفِّعُ فِيهِ أَحَدًا، وَهَذِهِ الْمَعَانِي كُلَّهَا مَعْدُومَةٌ فِي صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ" وَقَوْلُهُ:" {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار: 19] لَا يَدْفَعُ الشَّفَاعَةَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُلْكِ الدَّفْعُ بِالْقُوَّةِ، وَإِنَّمَا الشَّفَاعَةُ تَذَلُّلٌ مِنَ الشَّافِعِ لِلْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ، وَإِقَامَةِ الشَّفِيعِ بِذَلِكَ مِنَ الْمَشْفُوعِ لَهُ، فَلَا يَوْمَ أَلْيَقُ بِهِ وَأَشْبَهُ بِأَحْوَالِهِ مِنْ يَوْمِ الدِّينِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ سَيِّدِنَا الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ وَإِخْرَاجِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ وَإِدْخَالِهِمُ الْجَنَّةَ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ صريحة قَدْ صَارَتْ مِنَ الِاسْتفَاضَةِ، وَالشُّهْرَةِ بِحَيْثُ قَارَنتِ الْأَخْبَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ، وَكَذَلِكَ فِي مَغْفِرَةِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ دُونَ الشِّرْكِ مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ فَضْلًا مِنْهُ وَرَحْمَةً، وَاللهُ وَاسِعٌ كَرِيمٌ" قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:" وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْأَخْبَارَ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَنَحْنُ نُشِيرُ هَهُنَا إِلَى طَرَفٍ مِنْهَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] وَرُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الشَّفَاعَةِ وَكَذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ

نام کتاب : شعب الإيمان نویسنده : البيهقي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست