responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 9  صفحه : 352
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ذَا النُّونِ فَسَأَلَهُ: §مَتَى تَصِحُّ لِي عُزْلَةُ الْخَلْقِ؟ قَالَ: إِذَا قَوِيتَ عَلَى عُزْلَةِ نَفْسِكَ، قَالَ: فَمَتَى يَصِحُّ طَلَبِي لِلزُّهْدِ؟ قَالَ: إِذَا كُنْتَ زَاهِدًا فِي نَفْسِكَ هَارِبًا مِنْ جَمِيعِ مَا يَشْغَلُكَ عَنِ اللَّهِ لَأَنَّ جَمِيعَ مَا شَغَلَكَ عَنِ اللَّهِ هِيَ دُنْيَا قَالَ يُوسُفُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِطَاهِرٍ الْقُدْسِيِّ فَقَالَ: هَذَا نُزُلُ أَخْبَارِ الْمُرْسَلِينَ

حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ وَسُئِلَ §أَيُّ الْحِجَابِ أَخْفَى الَّذِي يَحْتَجِبُ بِهِ الْمُرِيدُ عَنِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ: مُلَاحَظَةُ النَّفْسِ وَتَدْبِيرُهَا، وَقَالَ ذُو النُّونِ وَقاَلَ بَعْضُهُمْ: عَلِمَ الْقَوْمِ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَاهُمْ عَلَى حَالِ فَاحْتَرَزُو لِلَّهِ عَمَّنْ سِوَاهُ، فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الزُّهَّادِ وَكَانَ حَاضِرًا بِمَجْلِسِهِ، يُقَالُ لَهُ طَاهِرٌ - يَا أَبَا الْفَيْضِ رَحِمَكَ اللَّهُ بَلْ نَظَرُوا بِعَيْنِ الْيَقِينِ إِلَى مَحْبُوبِ الْقُلُوبِ فَرَأَوْهُ فِي كُلِّ حَالَةٍ مَوْجُودًا، وَفِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَلَحْظَةٍ قَرِيبًا بِكُلِّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ عَلِيمًا، وَعَلَى كُلِّ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ شَهِيدًا، وَعَلَى مَكْرُوهٍ وَمَحْبُوبٍ قَائِمًا، وَعَلى تَقْرِيبِ الْبَعِيدِ وَتَبْعِيِدِ الْقَرِيبِ مُقْتَدِرًا وَلَهُمْ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْأَعْمَالِ سَائِسًا، وَلِمَا يُرِيدُهُمْ بِهِ مُوَفِّقًا، فَاسْتَغْنَوْا بِسَيَاسَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَتَقْوِيَتِه عَنْ تَدْبِيرِ أَنْفُسِهِمْ، وَخَاضُوا الْبِحَارَ وَقَطَعُوا الْقِفَارَ بِرَوْحِ النَّظَرِ إِلَى نَظَرِهِ الْبَهِيجِ، وَخَرَقُوا الظُّلُمَاتِ بِنُورِ مُشَاهَدِتِه، وَتَجَرَّعُوا الْمَرَارَاتِ بِحَلَاوَةِ وُجُودِهِ، وَكَابَدُوا الشَّدَائِدَ وَاحْتَمَلُوا الْأَذَى فِي جَنْبِ قُرْبِهِ وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَخَاطَرُوا بِالنُّفُوسِ فِيمَا يَعْلَمُونَ وَيَحْمِلُونَ ثِقَةً مِنْهُمْ بِاجْتِيَازِهِ، وَرَضُوا بِمَا يَضَعُهُمْ فِيهِ مِنَ الْأَحْوَالِ مَحَبَّةً مِنْهُمْ لِإِرَادَتِهِ وَمُوَافَقَةً لِرِضَاهُ سَاخِطِينَ عَلَى أَنُفُسِهِمْ مَعْرِفَةً مِنْهُمْ بِحَقِّهِ، وَاسْتِعْدَادًا لِلْعُقُوبَةِ -[353]- بِعَدْلِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَدَّاهُمْ ذِلِكَ إِلَى الِابْتِلَاءِ مِنْهُ فَلَمْ تَسَعْ عُقُولُهُمْ وَمَفَاصِلُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ مَحَبَّةً لِغَيْرِهِ، وَلَمْ تَبْقَ زِنَةُ خَرْدَلَةٍ مِنْهُمْ خَالِيَةً مِنْهُ وَلَا بَاقِيًا فِيهِمْ سِوَاهُ، فَهُمْ لَهُ بِكُلِّيَّتِهِمْ، وَهُوَ لَهُمْ حَظُّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَحَبَّهُمْ فَأَحَبُّوهُ، وَكَانُوا لَهُ وَكَانَ لَهُمْ، وَآثَرُوهُ وَآثَرَهُمْ، وَذَكَرُوهُ فَذَكَرَهُمْ {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] فَصَاحَ عِنْدَ ذَلِكَ ذُو النُّونِ وَقَالَ: أَيْنَ هَؤُلَاءِ؟ وَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَيْهِمْ وَكَيْفَ الْمَسْلَكُ؟ فَصَاحَ بِه: يَا أَبَا الْفَيْضِ الطَّرِيقُ مُسْتَقِيمٌ، وَالْحُجَّةُ وَاضِحَةٌ، فَقَالَ لَهُ: صَدَقْتُ وَاللَّهِ يَا أَخِي، فَالْهَرَبَ إِلَيْهِ وَلَا تُعَرِّجْ إِلَى غَيْرِهِ

نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 9  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست