responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 9  صفحه : 349
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: §مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّوْقَ لِنُورِهِ السَّمَاوَاتِ، وَأَنَّى لِوَجْهِهِ الظُّلُمَاتُ؟ وَحَجَبَهُ بِجَلَالَتِهِ عَنِ الْعُيُونِ، وَوَصَلَ بِهَا مَعَارِفَ الْعُقُولِ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ أَبْصَارَ الْقُلُوبِ، وَنَاجَاهُ عَلَى عَرْشِهِ أَلْسِنَةُ الصُّدُورِ؟ إِلَهِي لَكَ تُسَبِّحُ كُلُّ شَجَرَةٍ، وَلَكَ تُقَدِّسُ كُلُّ مَدَرَةٍ بَأَصْوَاتٍ خَفِيَّةٍ وَنَغَمَاتٍ زَكِيَّةٍ، إِلَهِي قَدْ وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْكَ قَدَمِي، وَرَفَعْتُ إِلَيْكَ بَصَرِي، وَبَسَطْتُ إِلَى مَوَاهِبِكَ يَدِي، وَصَرَخَ إِلَيْكَ صَوْتِي وَأَنْتَ الَّذِي لَا يُضْجِرُهُ النِّدَا ولَاَ تُخَيِّبُ مَنْ دَعَاكَ، إِلَهِي هَبْ لِي بَصَرًا يَرْفَعُهُ إِلَيْكَ صِدْقُهُ، فَإِنَّ مَنْ تَعَرَّفَ إِلَيْكَ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَمَنْ يَلُوذُ بِكَ غَيْرُ مَخْذُولٍ، وَمَنْ يَبْتَهِجُ بِكَ مَسْرُورٌ وَمَنْ يَعْتَصِمُ بِكَ مَنْصُورٌ

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ، ثنا سَعِيدٌ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: إِنَّ §لِلَّهِ خَالِصَةً مِنْ عِبَادِهِ، وَنُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَصَفْوَةً مِنْ بَرِيَّتِهِ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ، أَرْوَاحُهَا فِي الْمَلَكُوتِ مُعَلَّقَةٌ، أُولَئِكَ نُجَبَاءُ اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، وَأُمَنَاءُ اللَّهِ فِي بِلَادِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَالْوَسِيلَةُ إِلَى دِينِهِ، هَيْهَاتَ بَعُدُوا وَفَاتُوا، وَوَارَتْهُمْ بُطُونُ الْأَرْضِ وَفِجَاجُهَا عَلَى أَنَّهُ لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ فِيهَا بِحُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيْنَ؟ أَولَئِكَ قَوْمٌ حَجَبَهُمُ اللَّهُ مِنْ عُيُونِ خَلْقِهِ، وَأَخْفَاهُمْ عَنْ آفَاتِ الدُّنْيَا وَفِتَنِهَا، أَلَا وَهُمُ -[350]- الَّذِينَ قَطَعُوا أَوْدِيَةَ الشُّكُوكِ بِالْيَقِينِ، وَاسْتَعَانُوا عَلَى أَعْمَالِ الْفَرَائِضِ بِالْعِلْمِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى فَسَادِ أَعْمَالِهِمْ بِالْمَعْرِفَةِ، وَهَرَبُوا مِنْ وَحْشَةِ الْغَفْلَةِ وَتَسَرْبَلُوا بِالْعِلْمِ لِاتِّقَاءِ الْجَهَالَةِ، وَاحْتَجَزُوا عَنِ الْغَفْلَةِ بِخَوْفِ الْوَعِيدِ، وَجَدُّوا فِي صِدْقِ الْأَعْمَالِ لِإِدْرَاكِ الْفَوْتِ، وَخَلَوْا عَنْ مَطَامِعِ الْكَذِبِ وَمُعَانَقَةِ الْهَوَى، وَقَطَعُوا عُرَى الِارْتِيَابِ بَرَوْحِ الْيَقِينِ وَجَاوَزُوا ظُلَمَ الدُّجَا وَدَحَضُوا حَجِيجَ الْمُبْتَدِعِينَ بِاتِّبَاعِ السُّنَنِ، وَبَادَرُوا إِلَى الِانْتِقَالِ عَنِ الْمَكْرُوهِ قَبْلَ فَوْتِ الْإِمْكَانِ، وَسَارَعُوا فِي الْإِحْسَانِ تَعْرِيضًا لِلْقُعُودِ عَنِ الْإِسَاءَةِ وَلَاقَوُا النِّعَمَ بِالشُّكْرِ اسْتِجْلَالًا لِمَزِيدِهِ، وَجَعَلُوهُ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ عِنْدَ خَوَاطِرِ الْهِمَمِ وَحَرَكَاتِ الْجَوَارِحِ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا وَغُرُورِهَا، فَزَهِدُوا فِيهَا عَلَانًا، وَأَكَلُوا مِنْهَا قَصْدًا وَقَدَّمُوا فَضْلًا، وَأَحْرَزُوا ذُخْرًا، وَتَزَوَّدُوا مِنْهَا التَّقْوَى، وَشَمَّرُوا فِي طَلَبِ النَّعِيمِ بِالسَّيْرِ الْحَثِيثِ وَالْأَعْمَالِ الزَّكِيَّةِ، وَهُمْ يَظُنُّونَ بَلْ لَا يَشُكُّونَ أَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَقَلُوا فَعَرَفُوا، ثُمَّ اتَّقَوْا وَتَفَكَّرُوا فَاعْتَبَرُوا حَتَّى أَبْصَرُوا، فَلَمَّا أَبْصَرُوا اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِمْ طُرُقَاتُ أَحْزَانِ الْآخِرَةِ، فَقَطَعَ بِهِمُ الْحُزْنُ حَرَكَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ عَنِ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ هَيٍّ خَوْفًا مِنَ التَّزْيِينِ فَيَسْقُطُوا مِنْ عَيْنِ اللَّهِ، فَأَمْسَكُوا وَأَصْبَحُوا فِي الدُّنْيَا مَغْمُومِينَ وَأَمْسَوْا فِيهَا مَكْرُوبِينَ، مَعَ عُقُولٍ صَحِيحَةٍ، وَيَقِينٍ ثَابِتٍ، وَقُلُوبٍ شَاكِرَةٍ، وَأَلْسُنٍ ذَاكِرَةٍ وَأَبْدَانٍ صَارَّةٍ وَجَوَارِحَ مُطِيعَةٍ، أَهْلُ صِدْقٍ وَنُصْحٍ وَسَلَامَةٍ وَصَبْرٍ وَتَوَكُّلٍ وَرِضًا وَإِيمَانٍ، عَقَلُوا عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ فَشَغَلُوا الْجَوَارِحَ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ، وَذِكْرٍ وَحَيَاءٍ، وَقطَعُوا الدُّنْيَا بِالصَّبْرِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَهَجَرُوا الْهَوَى بِدَلَّاتِ الْعُقُولِ وَتَمَسَّكُوا بِحُكْمِ التَّنْزِيلِ وَشَرَائِعِ السُّنَنِ وَلَهُمْ فِي كُلِّ ثَارَةٍ مِنْهَا دَمْعَةٌ وَلَذَّةٌ وَفِكْرٌ وَعِبْرَةٌ، وَلَهُمْ مَقَامٌ عَلَى الْمَزِيدِ لِلزِّيَادَةِ فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ " قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَعْرِفَةِ مُدَّعِيًا وَتَكُونَ بِالزُّهْدِ مُحْتَرِفًا وَتَكُونَ بِالْعِبَادَةِ مُتَعَلِّقًا، فَقِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَسِّرْ لَنَا ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ إِذَا أَشَرْتَ فِي الْمَعْرِفَةِ إِلَى نَفْسِكَ بِأَشْيَاءَ وَأَنْتَ مُعَرًّى مِنْ حَقَائِقِهَا كُنْتَ مُدَّعِيًا؟ وَإِذَا كُنْتَ فِي الزُّهْدِ مَوْصُوفًا بِحَالَةٍ وَبِكَ دُونَ الْأَحْوَالِ كُنْتَ مُحْتَرِفًا وَإِذَا عَلَّقْتَ بِالْعِبَادَةِ قَلْبَكَ وَظَنَنْتَ أَنَّكَ تَنْجُو مِنَ اللَّهِ بِالْعِبَادَةِ لَا بِاللَّهِ كُنْتَ بِالْعِبَادَةِ مُتَعَلِّقًا لَا بِوَلِيِّهَا وَالْمَنَّانِ عَلَيْكَ؟ " قَالَ: وَسَمِعْتُ -[351]- ذَا النُّونِ يَقُولُ: «مُعَاشَرَةُ الْعَارِفِ كَمُعَاشَرَةِ اللَّهِ يَحْتَمِلُ عَنْكَ وَيَحْلُمُ عَنْكَ تَخَلُّقًا بِأَخْلَاقِ اللَّهِ الْجَمِيلَةِ»، قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: «أَهْلُ الذِّمَّةِ يَحْمِلُونَ عَلَى الْحَالِ الْمَحْمُودَةِ وَالْمُبَاحِ مِنَ الْفِعْلِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَنِيفِيِّ، الْحَنِيفِيُّ أَوْلَى بِالْحِلْمِ وَالصَّفْحِ وَالِاحْتِمَالِ»

نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 9  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست