responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 7  صفحه : 374
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ فُضَيْلٍ الْعَكِّيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: " رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، §إِذَا حَصَدَ يَحْصُدُ وَيَسْتَعِينُ مَعَهُ الضُّعَفَاءُ فَيَسْبِقُهُمْ فِي أَمَانَةٍ - يَعْنِي الْمَوْضِعَ - فَيَحْصُدُهُ ثُمَّ يُشِيرُ إِلَى أَصْحَابِهِ: أَنِ اجْلِسُوا , ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ فَيَحْصُدُهُ دُونَهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ , ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَمَانِهِ فَيَحْصُدُهُ "

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَنْمَاطِيُّ الْعَسْكَرِيُّ , ثنا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الضَّيْفِ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: " §كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، هَهُنَا فِي الدِّيمَاسِ , وَأَنَّهُ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى السُّوقِ وَكَانَ فِي صَحْنِ السُّوقِ عِزْبَةُ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يُكْنَى بِأَبِي سُلَيْمَانَ , فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ , قَالَ: فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَنَا وَاللهِ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ أُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ , -[375]- قَالَ: فَالصَّحَابَةَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ نَعَمْ , قَالَ: فَمَضَى مَعَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ إِلَى بَيْتِهِ فَأَخْرَجَ دَوْرَقًا مَشْدُودَ الرَّأْسِ فِيهِ كِسَرُ خُبْزٍ , قَالَ: فَجَعَلَهُ فِي مِخْلَاتِهِ , وَرَدَّ الدَّوْرَقَ , وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَقَالَ: امْضِ بِنَا , قَالَ: فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا صَارَ قَرِيبًا مِنْ خَارِجِ السُّوقِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَحْتَجِمَ , قَالَ: فَاحْتَجَمَ إِبْرَاهِيمُ وَحْدَهُ , فَلَمَّا فَرَغَ الْحَجَّامُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: مَعَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: وَإِيشِ مَعَكَ؟ قَالَ: فَأَخْرَجَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا , قَالَ: ادْفَعْهَا إِلَى الْحَجَّامِ , قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ , أَدْفَعُهَا كُلَّهَا إِلَى الْحَجَّامِ؟ قَالَ: نَعَمْ , ادْفَعْهَا كَمَا أَقُولُ , قَالَ: وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ لَا يُرَاجَعُ فِي شَيْءٍ , قَالَ: فَدَفَعْتُهَا وَخَرَجْنَا , فَلَمَّا مَشَيْنَا قَدْرَ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ قُلْتُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ تِيكَ الدَّرَاهِمُ كُنَّا حَمَلْنَاهَا لَنَشْتَرِيَ بِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْضَ مَا نَدْخُلُ بِهِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالْعِيَالِ , فَقُلْتَ: أَعْطِهَا كُلَّهَا لِلْحَجَّامِ , فَأَعْطَيْنَاهَا , وَفَرِقْتُ مِنْكَ , وَاللهِ مَا مَعِي شَيْءٌ غَيْرُهَا , قَالَ: فَسَكَتَ فَمَا أَجَابَنِي , قَالَ: فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى وَذَكَرْتُ الدَّرَاهِمَ فَكَانَ يَسْكُتُ فَلَا يُجِيبُنِي , قَالَ: فَلَاحَتْ لَنَا قَرْيَةٌ نَاحِيَةٌ عَنِ الطَّرِيقِ , فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ إِنَّ مِنْ رَأْيِي أَنْ أَبِيتَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ , قَالَ: وَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ , قَالَ: فَمِلْنَا نَحْوَهَا , فَجِئْنَا الْقَرْيَةَ وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَالْمُؤَذِّنُ جَالِسٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤَذِّنَ , قَالَ: فَسَلَّمْنَا فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ , فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: مَنْ أَنْتَ؟ مِنْ أَهْلِ هَهُنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ , فَقَالَ: تَعْلَمُ لَنَا بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ حَصَادًا نَحْصِدُهُ؟ قَالَ: وَكَانَ قَدْ حَصَدَ النَّاسُ , فَقَالَ الشَّيْخُ: قَدْ حَصَدَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ , وَمَا أَعْلَمُ هَهُنَا إِلَّا حَقْلَيْنِ كَبِيرَيْنِ لِرَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ , فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: فَإِذَا صَلَّيْتَ إِنْ شَاءَ اللهُ فَاذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ , فَإِنَّا شَيْخَانِ كَمَا تَرَى حَصَّادَانِ نُجِيدُ الْعَمَلَ , قَالَ: مَا شَاءَ اللهُ قَالَ: فَلَمَّا أَنْ صَلَّى الشَّيْخُ الْمَغْرِبَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ جَاءَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الشَّيْخِ فَقَالَ: امْضِ بِنَا آجَرَكَ اللهُ إِلَى النَّصْرَانِيِّ حَتَّى تُكَلِّمَهُ فِينَا , قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ دَعْنَا نَرْكَعْ عَافَاكَ اللهُ قَالَ: فَسَكَتَ إِبْرَاهِيمُ , وَرَكَعَ , وَرَكَعَ الشَّيْخُ , فَعَاوَدَهُ إِبْرَاهِيمُ , فَقَالَ: مُرُّوا , فَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى قَرَعَ بَابَ النَّصْرَانِيِّ , فَخَرَجَ النَّصْرَانِيُّ فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ شَيْخَانِ غَرِيبَانِ , وَهُمَا يُجِيدَانِ الْحَصَادَ , وَقَدْ ذَكَرْتُ لَهُمَا أَمْرَ حَقْلَيْكَ هَذَيْنِ , وَقَدْ تَأَبَّى عَلَيْكَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ فِيهِمَا , وَأَرْجُو مِنْ هَذَيْنِ -[376]- الشَّيْخَيْنِ أَنْ يَحْصِدَا لَكَ كَمَا تُحِبُّ فَأَرِهِمَا إِيَّاهُ , وَاسْتَعْمِلْهُمَا , قَالَ: مَا شِئْتَ , فَمَضَى النَّصْرَانِيُّ وَمَضَيْنَا مَعَهُ وَأَرَادَ الشَّيْخُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَوِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أُحِبُّ مِنْكَ أَنْ تَبْلُغَ مَعَنَا فَإِنَّكَ تُؤْجَرُ , قَالَ: فَجَاءَ مَعَنَا فَدَخَلَ النَّصْرَانِيُّ فَأَرَاهُمَا الْحَقْلَيْنِ , قَالَ: وَاللَّيْلَةُ مُقْمِرَةٌ , قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: قَدْ رَأَيْنَا , وَنَحْنُ نُجِيدُ عَمَلَهُ لَكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى , فَأَعْطِنَا مَا أَحْبَبْتَ , قَالَ: سَلُوا , قَالَ: مَا نَسْأَلُكَ شَيْئًا , اذْكُرْ أَنْتَ مَا شِئْتَ وَانْظُرْ لِنَفْسِكَ , وَمَا أَعْطَيْتَ مِنْ شَيْءٍ فَأَعْطِ هَذَا الشَّيْخَ الْمُؤَذِّنَ يَكُونُ عَلَى يَدَيْهِ , فَإِنْ رَأَيْتَ مِنْ عَمِلِنَا مَا تُحِبُّ مُرْهُ يُعْطِيِنَا حَقَّنَا , وَإِنْ كَرِهْتَ فَأَنْتَ فِي سَعَةٍ , وَحَقُّكَ لَكَ , فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أُعْطِيكُمْ دِينَارًا , فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَدْ رَضِينَا , ادْفَعْ الدِّينَارَ إِلَى الشَّيْخِ , وَنَحْنُ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ نَبْتَدِئُ فِي عَمَلِكَ , فَجَاءَ النَّصْرَانِيُّ بِدِينَارٍ فَدَفَعَهُ إِلَى الشَّيْخِ , وَرَجَعْنَا مَعَ الشَّيْخِ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَلَمَّا صَلَّيْنَا عِشَاءَ الْآخِرَةَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلشَّيْخِ: قَدْ أُغْفِلْنَا , لَيْسَ مَعَنَا مَنَاجِلُ , قُلْ لِلنَّصْرَانِيِّ: ابْعَثْ إِلَيْهِ يُعْطِينَا مِنْجَلَيْنِ , قَالَ الشَّيْخُ: عِنْدِي أَنَا أُعْطِيكُمْ , فَأَرْسَلَ الشَّيْخُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَتَى بِمِنْجَلَيْنِ جَيِّدَيْنِ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: امْضِ بِنَا إِلَى الْحَقْلِ , فَجِئْنَا فَدَخَلْنَا الْحَقْلَ , فَكَانَ فِيهِ مَاءٌ , فَرَكَعَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْحَقْلِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ , ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , مَا أَقْبَحَ بِنَا شَخْصَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ تَذْهَبُ لَيْلَتُنَا فِي عَمَلِ نَصْرَانِيٍّ , وَلَا نَرْكَعُ نُصَلِّي لِلَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ فَإِنِّي لَا أَحْسِبُ أَحَدًا صَلَّى فِيهِ قَطُّ , انْظُرْ أَيُّمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , تُصَلِّي أَنْتَ هَهُنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَذْهَبُ أَنَا فَأَحْصِدَ؟ أَوْ تَذْهَبُ أَنْتَ فَتَحْصِدَ؟ وَأُقِيمُ أَنَا فَأُصَلِّيَ مَا قُدِّرَ لِي؟ قَالَ: فَأَعْجَبَنِي مَا قَالَ , فَقُلْتُ: أَنَا أُقِيمُ هَهُنَا , وَأُصَلِّي , وَاذْهَبْ أَنْتَ فَاحْصِدْ , قَالَ: فَتَشَمَّرَ إِبْرَاهِيمُ وَشَدَّ فِي وَسَطِهِ , وَأَخَذَ الْمِنْجَلَ وَذَهَبَ , وَأَقَمْتُ أَنَا مَكَانِي , فَرَكَعْتُ ثُمَّ وَضَعْتُ رَأْسِي وَنِمْتُ , قَالَ: فَجَاءَنِي إِبْرَاهِيمُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ أَرَاكَ نَائِمًا قُمْ بِنَا , هَذَا الصُّبْحُ , وَالسَّاعَةَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ , قَدْ فَرَغْتُ مِنْ عَمَلِ النَّصْرَانِيِّ , قُلْتُ: وَقَدْ فَرَغْتَ مِنْهُمَا جَمِيعًا؟ قَالَ: قَدْ أَعَانَنَا اللهُ تَعَالَى فَتَوَضَّأْنَا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ , وَجَلَسْنَا سَاعَةً , حَتَّى إِذَا أَصْبَحْنَا جِئْنَا فَصَلَّيْنَا مَعَ الشَّيْخِ , فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ , قَالَ -[377]-: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّا فَرَغْنَا مِنْ عَمَلِ النَّصْرَانِيِّ , قَدْ حَصَدْنَاهُ كُلَّهُ , وَجَرَزْنَاهُ كَمَا يَنْبَغِي , قَالَ: فَأَطْرَقَ الشَّيْخُ وَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: مَا أَحْسِبُكَ يَا شَيْخُ إِلَّا قَدْ أَهْلَكْتَ النَّصْرَانِيَّ وَنَفْسَكَ وَصَاحِبَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ لَا يُفْرَغُ مِنْهُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا , تَقُولُ أَنْتَ: قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُ فِي لَيْلَةٍ إِيشِ هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ مَا أَقْبَحَ الْكَذِبِ , امْضِ بِنَا عَافَاكَ اللهُ - إِنْ رَأَيْتَ - إِلَى ذَلِكَ النَّصْرَانِيِّ حَتَّى يَدْخُلَ حَقْلَيْهِ , فَإِنْ رَأَى عَمَلًا مُحْكَمًا عَلَى مَا يَجِبُ أَمَرَكَ أَنْ تُعْطِينَا حَقَّنَا , وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَسَادٌ تَرَكْنَا حَقَّنَا , وَإِنْ لَزِمَنَا غُرْمٌ غَرِمْنَا , قَالَ: فَقَالَ الشَّيْخُ: أَشْهَدُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى فَعَّالٌ لَمَّا يُرِيدُ , امْضُوا بِنَا عَلَى اسْمِ اللهِ تَعَالَى , قَالَ: فَمَضَيْنَا إِلَى النَّصْرَانِيِّ , قَالَ: فَخَرَجَ النَّصْرَانِيُّ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: إِنَّ هَذَا الشَّيْخَ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِكَ كُلِّهِ , وَحَصَدَهُ حَصَادًا جَيِّدًا , وَجَرَزَهُ عَلَى مَا يَنْبَغِي , فَأَرْخَى النَّصْرَانِيُّ عَيْنَيْهِ يَبْكِي , وَأَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ وَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ , وَجَعَلَ يَنْتِفُ لِحْيَتَهُ , وَأَقْبَلَ بِاللَّوْمِ عَلَى الشَّيْخِ يَقُولُ: غَرَّرْتَنِي فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا نَصْرَانِيُّ لَا تَفْعَلْ , امْضِ بِنَا وَلَا تَعْجَلِ بِاللَّوْمِ، وَالْعَذْلَ , فَإِنْ رَأَيْتَ مَا تُحِبُّ وَإِلَّا فَأَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ , قَالَ: فَمَا زَادَهُ كَلَامُ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا بُكَاءً وَنَتْفًا لِلِحْيَتِهِ وَجَلَسَ , وَقَالَ: إِيشْ تَقُولُ؟ أَهْلَكْتَنِي وَأَهْلَكْتَ عِيَالِي قَالَ: فَمَرَّ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: اسْتَأْجِرْ هَذَا الرَّجُلَ بِدِرْهَمٍ عَلَيَّ حَتَّى يَدْخُلَ الْحَقْلَ , فَإِنِّي لَا أَحْسِبُهُ إِلَّا زَارِعًا , فَإِنْ رَأَى فِي الْحَصَادِ تَقْصِيرًا جَاءَكَ فَأَخْبَرَكَ , وَإِنْ رَأَى خَيْرًا جَاءَ فَأَعْلَمَكَ , قَالَ الشَّيْخُ: مَا أَحْسِبُكَ إِلَّا أَنْصَفْتَ , امْضُوا بِنَا , وَأَخَذَ بِيَدِ النَّصْرَانِيِّ فَأَقَامَهُ , فَجِئْنَا جَمِيعًا , فَدَخَلْنَا الْحَقْلَ الْأَوَّلَ , فَإِذَا هُوَ قَدْ حُصِدَ حَصَادًا جَيِّدًا , وَإِذَا جُرُزٌ مَرْبُوطَةٌ مُكَوَّمَةٌ جَيِّدَةٌ , قَالَ: ثُمَّ دَخَلْنَا الْحَقْلَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ , فَإِذَا هُوَ كَذَلِكَ , قَالَ: فَعَجِبَ الشَّيْخُ , وَعَجِبَ النَّصْرَانِيُّ , وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ لِلشَّيْخِ: أَعْطِهِمَا الدِّينَارَ , وَأَزِيدُهُمَا دِينَارًا آخَرَ , قَالَ إِبْرَاهِيمُ: تُنْكِرُ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا , قَالَ: مَا ذَكَرْتَ مِنَ الزِّيَادَةِ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا , هَلُمَّ الدِّينَارَ , قَالَ: فَدَفَعَ الدِّينَارَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , خُذْ هَذَا الدِّينَارَ , وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَيْسَ تَصْحَبُنِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , إِمَّا أَنْ أَرْجِعَ إِلَى عَسْقَلَانَ وَتَمْضِيَ أَنْتَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , -[378]- وَإِمَّا أَنْ أَمْضِيَ وَتَرْجِعَ أَنْتَ إِلَى عَسْقَلَانَ , قَالَ: فَبَكَيْتُ وَقُلْتُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ الصُّحْبَةَ , قَالَ: لَا , كَرَّرْتَ عَلَيَّ: الدَّرَاهِمُ , الدَّرَاهِمُ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ , وَانْصَرِفْ إِلَى أَهْلِكَ , بَارَكَ اللهُ لَكَ , قَالَ: فَأَخَذْتُ الدِّينَارَ وَرَجَعْتُ إِلَى عَسْقَلَانَ وَمَضَى هُوَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ "

نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 7  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست