responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 208
حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ سُورَةَ الْكَهْفِ، فَجَاءَ شَيْءٌ غَطَّى فَمِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«تِلْكَ السَّكِينَةُ جَاءَتْ تَسْمَعُ الْقُرْآنَ» فَوَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّكِينَةَ بِأَنَّهَا تُغَطِّي الْفَمَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُغَانُ عَلَى قَلْبِهِ، وَالْغَيْنُ الْغِطَاءُ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَى قَلْبِهِ السَّكِينَةَ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يُغَطِّي قَلْبَهُ هُوَ السَّكِينَةَ، وَتَكُونَ السَّكِينَةُ هِيَ أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى قَلْبَهُ مِنَ اللَّطَائِفِ الَّتِي يُحْدِثُهَا فِيهِ، وَيُنَزِّلُهَا عَلَى سِتْرِهِ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا مُنَزِّلُهَا عَلَيْهِ، فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِي مَعَ اللَّهِ وَقْتٌ لَا يَسْمَعُنِي فِيهِ غَيْرُهُ» ، فَأَخْبَرَ أَنَّ أَوْقَاتِهِ خَارِجَةٌ عَنْ إِفْهَامِ الْخَلْقِ، وَكَانَتِ السَّكِينَةُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّابُوتِ، فَكَانَتْ إِذَا هَرَّتْ هَرِيرَ الْهِرَّةِ، فَالظَّفَرُ، وَالنَّصْرُ، وَالْفَتْحُ، وَالْعُلُوُّ، وَالَّذِي يَنْزِلُ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِينَ، يَكُونُ مَعَهَا الطُّمَأْنِينَةُ، وَالثَّبَاتُ، وَمَوْعِدُ الْحُسْنَى مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالَّتِي نَزَلَتْ عَلَى أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ اسْتَمَعْتِ الْقُرْآنَ، فَكَذَلِكَ الَّتِي تَنْزِلُ عَلَى قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَكُونُ مَعَهَا مِنَ اللَّطَايِفِ الَّتِي تَقْصُرُ الْأَفْهَامُ عَنْ إِدْرَاكِهَا، وَيَعْجَزُ الْعُقُولُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهَا، وَتَحْسُنُ الْأَفْهَامُ وَالْفِطَنُ عَنِ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا، وَيَكُونُ الِاسْتِغْفَارُ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِيبَهَا إِظْهَارَ الْعُبُودِيَّةِ، وَرُؤْيَةَ الِافْتِقَارِ، وَإِشَارَةً عَلَى الِافْتِخَارِ بِالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ الْغَفَّارِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَحَبِّ أَوْصَافِ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ إِظْهَارَ الْفَقْرِ، وَرُؤْيَةَ الِاضْطِرَارِ إِلَى اللَّهِ، وَهُمَا سِمَةُ الْعُبُودِيَّةِ، وَكَانَ اسْتِغْفَارُهُ إِظْهَارَ فَقْرِهِ وَالِافْتِخَارَ بِالْعُبُودِيَّةِ لِسَيِّدِهِ، لَا أَنْ يَمْحُوَ بِهِ ذَنْبًا، أَوْ -[209]- ذَنْبَهُ، أَوْ خَطِيئَةً اكْتَسَبَهَا، أَلَا تَرَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا خَاطَبَهُ بِأَجَلِّ الْمُخَاطَبَةِ، وَأَمَرَهُ بِأَعْلَى الْأَوَامِرِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَتْبَعَهُ الْأَمْرُ بِالِاسْتِغْفَارِ، فَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: 19] ، فَالْعِلْمُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَجَلُّ أَحْوَالِهِ، وَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ، وَأَرْفَعُ دَرَجَاتِهِ، وَهُوَ فَضْلٌ تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ، فَكَانَ عِلْمُهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا كَانَ صَبْرُهُ بِاللَّهِ، لَا بِذَاتِهِ، أَنَّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127] ، فَأَتْبَعَ جَلِيلَ هَذَا الْعَطَاءِ، وَكَرِيمَ هَذَا الْحِبَاءِ، الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ، الِاسْتِغْفَارَ لِيَكُونَ إِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ عِنْدَ ظُهُورِ الرُّبُوبِيَّةِ

نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست