responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 153
قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ح يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ح أَبُو الْأَحْوَصِ، وَأَبِي عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: §" لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ بَدَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ فَأَضَلَّ رَاحِلَتَهُ، فَطَلَبَهَا، حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِ رَحْلِي، فَأَمُوتُ فِيهِ، فَرَجَعَ، فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ فَوْقَ رَأْسِهِ عَلَيْهِ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ " قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْفَرَحُ سُرُورٌ يَكُونُ عَقِبَ حُزْنٍ وَكَآبَةٍ وَغَمٍّ، وَأَكْثَرُ مَا تَرِدُ لَفْظَةُ الْفَرَحِ إِنَّمَا تَرِدُ عَقِبَ اهْتِمَامٍ وَحُزْنٍ، وَكَذَلِكَ قَالُوا مَا مِنْ تَرْحَةٍ إِلَّا وَبَعْدَ فَرْحَةٍ، وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ، وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى الَّذِي قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ فِي دَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ، فَأَضَلَّ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ يَكُونُ فِي غَايَةٍ مِنَ الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ وَالْغَمِّ، فَإِذَا وَجَدَهَا سُرَّ بِذَلِكَ غَايَةَ السُّرُورِ، فَعَبَّرَ عَنْ عِظَمِ السُّرُورِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ عِظَمِ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ وَالْغَمِّ، وَالْفَرَحِ، ثُمَّ كَانَ السُّرُورُ عِبَارَةً عَنْ بَسْطِ الْوَجْهِ، وَسَعَةِ الصَّدْرِ، وَاسْتِنَارَةِ الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا قِيلَ سُرُورٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْرُورَ بِالشَيْءِ يَسْتَنِيرُ وَجْهُهُ، وَيَرِقُّ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، وَهِيَ عُرُوقُهُ، وَالْفَرَحُ مُعْظَمُ السُّرُورِ وَغَايَتُهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْفَرَحِ، فَهُوَ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيَلِيقُ بِهِ بِخِلَافِ مَا يُعْرَفُ مِنَ الْخَلْقِ، وَبِخَلَافِ مَا يَقَعُ تَحْتَ أَوْهَامِنَا، وَتُدْرِكُهُ عُقُولُنَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ بَسْطِ الرَّحْمَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِفَاضَتِهَا عَلَى الْعَبْدِ، وَحُسْنِ الْقَبُولِ مِنَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ، وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ، وَإِكْرَامِهِ لَهُ، وَبِرِّهِ إِيَّاهُ إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَرَجَعَ إِلَيْهِ -[154]-. فَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: إِخْبَارٌ عَنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلِهِ وَمَحَبَّتِهِ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ، وَكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ، وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ، وَجَلِيلِ قَدْرِهِ، وَمَحَلِّهِ مِنْهُ، حَتَّى يَكْرَهَ إِعْرَاضَهُ، وَذَهَابَهُ عَنْهُ، وَيُحِبُّ مِنْهُ إِقْبَالَهُ عَلَيْهِ، وَدُنُوَّهُ مِنْهُ، وَإِيثَارَهُ إِيَّاهُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، ثُمَّ أَصَابَهَا أَقْبَلَ عَلَيْهَا، وَأَلْزَمَهَا قُرْبَهُ، وَجَعَلَهَا نُصْبَ عَيْنَيْهِ، وَأَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ حِفْظَهَا، وَعَمَّاهَا عَمَّا يُنَفِّرُهَا عَنْهُ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِمَحَبَّتِهِ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ ذَهَابَ عَبْدِهِ مِنْهُ، وَإِعْرَاضَهُ عَنْهُ مَعَ غِنَاهُ، وَحَاجَةِ عَبْدِهِ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ فِي عِصْيَانِهِ وَإِعْرَاضِهِ وَذَهَابِهِ عَنْهُ، بَلْ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ، وَيُقْبِلُ بِهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَطْلُبُهَا» إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَّهُ إِذَا رَجَعَ إِلَيْهِ، وَأَعْرَضَ عَمَّا سِوَاهُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ قَبِلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُكْرِمًا لَهُ، مُعَظِّمًا قَدْرَهُ، مُقْبِلًا عَلَيْهِ، مُرْضِيًا لَهُ، وَجَعَلَهُ فِي حِفْظِهِ، وَكَنَفِهِ، وَرِعَايَتِهِ، وَعَصَمَهُ عَمَّا يُنَفِّرُهُ عَنْهُ، وَعَمَّا يُرِيدُ الذَّهَابَ بِهِ عَنْ غُرُورِ الدُّنْيَا، وَمَكَايِدِ الْعَدُوِّ، وَخِدَعِ النَّفْسِ، وَفِتْنَةِ الْخَلْقِ، وَيَجْعَلُهُ مِنْ خَوَاصِّهِ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَرِدُ بِهِ، وَمِنْ مَحَبَّتِهِ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ يُرِيدُ مِنْهُ إِقْبَالَهُ عَلَيْهِ، وَمُوَاجَهَتَهُ إِيَّاهُ، وَنَظَرَهُ إِلَيْهِ، وَلَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبَهُ وَإِنْ كَثُرَ، وَعِصْيَانَهُ لَهُ وَإِنْ عَظُمَ إِذَا رَجَعَ إِلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ. وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ: «اللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ»

§حَدِيثٌ آخَرُ

نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست